المحادثة الهاتفية التي أجراها القائد العام فيدل كاسترو روز مع رئيس جمهورية فنزويلا البوليفارية، هوغو شافيز فرياس، خلال البث الإذاعي لبرنامج "آلو، سيادة الرئيس" رقم 269 في السابع والعشرين من شباط/فبراير 2007، "العام التاسع والأربعون للثورة".

 

(الطبعات الاختزالية-مجلس الدولة)

 

هوغو شافيز: من المتحدث؟

فيدل كاسترو: اسمعني.

هوغو شافيز: أسمعك.

فيدل كاسترو: أيها الصديق العظيم والعزيز، كيف حالكم؟

هوغو شافيز: هه! إنه فيدل! (تصفيق وهتافات بـ "فيدل، فيدل، فيدل")

فيدل كاسترو: إنني أسمعك هنا في برنامج "آلو، سيادة الرئيس"، وسمعت كل المعطيات التي عرضتها فيه خلال دقائق. يبدو لي جيداً جداً العرض المتعلق بالنمو، إجمالي الناتج المحلي، وعن تراجع نسبة البطالة، والأمور الكثيرة الهامة جداً.

هوغو شافيز: How are you، فيدل؟

فيدل كاسترو: Very well. (ضحك)

هوغو شافيز: أنت لا تدرك مدى السعادة التي يبعثها عندنا سماع صوتك ومعرفتنا أنك بخير.

فيدل كاسترو: شكراً جزيلاً.

هوغو شافيز: ألف تحيّة، إننا مندهشون جداً، دهشة فرح، وقد كنا قيد الحديث عنك قبل قليل، كما هو الحال دائماً.

فيدل كاسترو: كنت مدركاً أن الحال سينتهي بي إلى برنامج "آلو، سيادة الرئيس"

هوغو شافيز: لقد أصبح الآن برنامجاً يومياً.

فيدل كاسترو: لا، لا تجعلني أقوم بهذا، فلدي الكثير من العمل هنا (ضحك)، فأنا أدرس كثيراً، على الأخص؛ ولكنني أرى بأن الكتب لا تفلت من بين يديك. في أي ساعة تنام؟

هوغو شافيز: حسناً، في ساعات الفجر أنام بعض الوقت.

فيدل كاسترو: بعض الوقت!

هوغو شافيز: أنام بعض الوقت، فأنا أعكف على الدراسة، إنها مهمّة كل ثوري، ونحن نتبع خطاك ونموذجك.

فيدل كاسترو: نعم، ومنذ زمن طويل وأنت تقرأ، ولديك موهبة متميّزة للاحتفاظ بكل شيء في الذاكرة. ما تنساه أنت في بعض الأحيان هو الأرقام.

هوغو شافيز: حسناً، إنني أنساها، ولكن ليس إلى حد كبير.

فيدل كاسترو: ولكنك تسجّلها وقد علّمت عليها ولا يفوتك شيء، فأصبح من العسير متابعتك.

هوغو شافيز: هل تعرف كم هكتاراً من الأراضي المزروعة بالذرة يحتاج الأمر لإنتاج مليون برميل من الإيثانول؟

فيدل كاسترو: من الإيثانول، أعتقد أنك تكلمت قبل عدة أيام عن عشرين مليون هكتار، أو شيئاً من هذا القبيل (ضحك). ذكِّرني به.

هوغو شافيز: 20 مليوناً. لا، أنت هو صاحب العقل المتميِّز.

فيدل كاسترو: آه، 20 مليوناً.

حسناً، إن فكرة جعل المواد الغذائية تنتج محروقات هو أمر مأساوي طبعاً، درامي. لا أحد يعلم علم اليقين المبلغ الذي ستصل إليه أسعار المواد الغذائية في الوقت الذي يتم فيه تحويل الصويا إلى محروقات، رغم الحاجة الكبيرة لها في العالم من أجل إنتاج البيض، وإنتاج الحليب، وإنتاج اللحوم، وهذه هي مأساة أخرى تضاف إلى المآسي الكثيرة السائدة في هذه اللحظة.

الحقيقة أنه يسعدني جداً رفعك لراية إنقاذ الجنس البشري، لأن النضال من أجل إنقاذ الجنس البشري هو نضال قاسٍ، حيث أن هناك مشكلات جديدة، بالغة الصعوبة، وأنت أصبحت بمثابة مبشِّر، مبشّر عظيم مدافع عن قضية أو عن حياة الجنس البشري، ولهذا السبب أهنِّئك.

أراك تناضل في برنامج "أخلاق ونور" لتوعية الناس، لكي يدركوا. وعلى الأخص هناك قدر كبير جداً من التفاصيل التي أقرأها وأراجعها في كل يوم، وأنا أتابعها باستمرار: مخاطر وقوع حروب، مخاطر مناخية، مخاطر غذائية، لأنه –وكما ذكّرت أنت- هناك آلاف الملايين من الأشخاص الذين يعانون الجوع، وهذه هي وقائع.

للمرة الأولى في التاريخ شرعت الحكومات بالتفكير في ذلك، وهي حكومات صاحبة صلاحيات، لها سلطة معنوية تخوّلها لفعل ذلك، وأنت أحد هذه النماذج النادرة.

قرأت قبل أيام قليلة بأن أستراليا قد أعلنت نفسها بأنها البلد الأول في العالم الذي يقوم بثورة في الطاقة، لنجد بأن الأمر يتعلق بمشروع يتم تنفيذه خلال سنتين أو ثلاث؛ إنه لأمر يبعث على الضحك، لأنكم أنتم استبدلتم خلال شهرين 34 مليون لمبة، وخلال أربعة أشهر تكونون قد نفذتم الهدف الأول المتمثل بإيصال لمبة التوفير هذه إلى كل المنازل. وهكذا فإن هناك بلد آخر، ولكن بعض البلدان ينازع أستراليا المكان الأول.

ليس هناك من بلد واحد، سواء كان في أوروبا أو في أي مكان آخر، لا يشعر بقلق اليوم من هذه المشكلة.

أعذرني على الإسهاب وعلى سرقتي لنصف برنامجك.

هوغو شافيز: لا، عن أي إسهاب تتكلم!، الساعة الآن 7:49 من هذا اليوم.

كنّا في سيرتك لأنه، وكما تعرف، اليوم هو السابع والعشرون من شباط/فبراير، وقبل 18 سنة من اليوم كانوا يقولون لنا أن أحد أسباب "ضربة كركاس" هو أنك، حين أتيت في تلك المناسبة، تركت هنا مائتي مشاغب هم الذين أشعلوا السهل، كما يقال. وكنا اليوم نجري تحليلاً لمسببات كل ما يتعلق بموضوع الديون الخارجية، موضوع يوم الجمعة الأسود، نهب البلاد، فرار رؤوس الأموال، عمليات الخصخصة، التضخم المترافق مع ركود مخيف، البطالة، وحتى تقوُّض الطبقة المتوسطة.

حسناً، كما يقول أينشتاين، الذي كنا نقوم بقراءة أقوال له قبل دقيقة، لا أدري إن كنت قد سمعتها، حين كان يمعن هو في أسباب الاشتراكية، وانتهى أينشتاين إلى الاستنتاج بأن ما تبعثه الرأسمالية هو الفوضى.

وهكذا، فيدل، فإننا قد تذكّرناك في حديثنا عن "ضربة كركاس"، وأنا أذكر أنه في تلك الأيام شاهدتك من بعيد هنا، وكانت عندي رغبة بالاقتراب منك ومصافحتك، مع أنني لم أتمكن من فعل ذلك؛ ولكننا كنّا قد أصبحنا في هذه الحركة الثورية. وأقول للعالم من هنا، عبر برنامج "آلو، سيادة الرئيس"، وأنا أسمعك الآن وأتحاور معك، بأنه يا له من شرف عظيم ذلك اليوم الذي نهض فيه شعب ضد النيوليبرالية.

فيدل، لقد كانت "ضربة كركاس"، كما تعلم أنت، أول ردّ على المستوى العالمي، ذي شدة هائلة، على الخطة النيوليبرالية، في اللحظة التي كان ينهار فيها الاتحاد السوفييتي وحائط برلين ويبدأ فيها الحديث عن وصول مرحلة نهاية التاريخ وعن الفكر الأوحد.

وعن "ضربة كركاس" تمخّض الرابع من شباط/فبراير. وأنت تعرف أنه لا يمكن فهم أحد هذين الحدثين بمعزل عن الآخر؛ وبعد كل شيء، هذا الطريق، ثورتنا هذه، يوجد لكوبا حضور فيه دائماً، وطالما كانت وستظل كوبا، وأنت على رأسها، حاضرة فيه. هناك الكثير جداً من الأمور التي تستحق الشكر، وثورة الطاقة هذه كانت مستحيلة بدون كوبا.

الآن سنواصل الطريق معك. اليوم تجري على قدم وساق أعمال الدورة السابعة من اجتماعات اللجنة المشتركة رفيعة المستوى في هافانا، كما تعلم، والاستنتاجات التي وصلتني حتى الآن هي استنتاجات ما فوق العادية، عن تقدم "الخيار البوليفاري الخاص بالأمريكتين"(ALBA) والعلاقة الثنائية.

من واجبي أن أبلغك.. لا بد وأنك على اطلاع، ولكنني أكلّمك، لكي يعرف الجميع، بأنني قد أعطيت موافقتي يوم أمس لرافائيل راميريز، الوزير، على إقامة شركة مختلطة مع فيتنام، وطلبت بأن يتم طرح الموضوع اليوم في هافانا؛ لأنه يمكننا أن نفعل ذلك كوبا-فيتنام-فنزويلا، شركة تقام هنا في فنزويلا، أو في كوبا، أو في كلا الجمهوريتين، مصنع لمبات من أجل مواصلة توسيع رقعة الثورة؛ لمبات توفير وغيرها من العناصر الأخرى التي يحتاجها الأمر من أجل تعميق ثورة الطاقة، الأطباق الشمسية، نظام الطاقة المستمدّة من الهواء. أريد أن تقام هنا كل هذه المصانع يا فيدل؛ ونجلب لذلك كل التكنولوجيات اللازمة.

ما رأيك أنت بذلك؟

فيدل كاسترو: يبدو لي كل هذا أمراً رائعاً.

قبل ثلاثة أيام افتتحنا حقلاً هوائياً هنا في جزيرة خوبينتود، ما يزال صغيراً، بمولّدات هوائية تبلغ قدرتها 275 كيلو/واط؛ ولكنها تنفع كاختبار لما سنقوم بفعله هناك؛ وهناك منطقة هامة جداً في الجزء الشرقي من البلاد، حيث نقوم بإجراء كل القياسات لإقامة حقول هوائية أخرى ستنتج طاقة كهربائية بكلفة أقل من الاستثمار.

لديكم أنتم حَسَنة، وهي أن أراضيكم في منأى عن الأعاصير، بينما الأعاصير تزورنا نحن بشكل دائم؛ فيجب اتخاذ إجراءات لحمايتها، وهي إجراءات من أنواع مختلفة، تستدعي في بعض الأحيان استخدام الرافعات وفي أحيان أخرى إزالة أجنحتها، إلى ما هنالك، من أجل حمايتها. وهناك الطاقة الشمسية، حيث قمتهم أنتم في كركاس بتركيب تكنولوجيا قيّمة، مفيدة الاستخدام، مع أن كلفتها باهظة. في وقت لاحق، إذا ما تم إنتاجها في البلاد، ستكون كلفتها أقل بكثير.

سوف تقيمون أنتم مصنعاً للفولاذ غير القابل للصدأ باستخدام طاقة رخيصة متوفرة لديكم الآن، وخاصة الطاقة التي تستطيعون أنتم ادّخارها.

تتمتع فنزويلا بمساحة تصل إلى حوالي مليون كيلومتر مربّع، ونحن أشبه ما نكون بقشرة جوز حملها تيّار الخليج إلى مقربة من أصدقائك الشمالييين.

هوغو شافيز: Our friends.

فيدل كاسترو: أنت تقول بأنني أجدت الإنكليزية، ولكنني أجدتها خلال مدة من الزمن.

هوغو شافيز: وهل نسيتها؟

فيدل كاسترو: العقدة التي تركوها عندي لاحقاً جعلتني أنساها، ولهذا لا أتمتع بالذاكرة المتميّزة التي تتمتع بها أنت، القدرة على الإيجاز، أذنك الموسيقية، قدرتك على تذكّر أي أغنية؛ فإنا لا أظنك محباً ومشاركاً في الحفلات لدرجة تذكّرك لكل الأغاني التي ترنّمها في "آلو، سيادة الرئيس". وهكذا فإنني أحسدك على ذلك.

هوغو شافيز: لا، أنا لم أشارك في حفلات كما شاركت أنت، لم أتردد كثيراً مثلك أبداً إلى حفلات، ولم أغنِّ أبداً مثلك.

فيدل كاسترو: لا، يا رجل! أنا أتذكر جوهر الأفكار إلى حد ما، ولكن أنت تتذكر الكلمات بدقّة، فأنا ألاحظك بأنك تجدها، تكررها، تكررها بدقّة.

في نهاية المطاف، سوف تشغل مكاناً بين كبار كتاب هذه القارة. ولا تأسف لذلك، لأن للكتّاب سلطة أكبر يوماً بعد يوم.

هوغو شافيز: أود أن أسألك شيئاً.

ما رأيك بآخر الأنباء التي وصلتني الآن؟ 67 بالمائة من الأمريكيين غير راض عن سياسة بوش في العراق. أنت تعرف بأننا نجري الاستعدادات لاستقبال يوش في أمريكا الجنوبية.

فيدل كاسترو: آه!، سوف تستقبلونه.

نعم، لقد سمعت شيئاً من هذا القبيل، أعتقد أنها ستقوم حشود جماهيرية، وكل هذا في إطار روح سلميّة جداً ومحترِمة جداً.

ولكنني أراهن أنك لم تطلع بعد على نبأين وردا هذا اليوم.

هوغو شافيز: أخبرني، أنعش لي "آلو، سيادة الرئيس".

فيدل كاسترو: على سبيل المثال، بورصة شنغهاي هبطت بنسبة 9 بالمائة اليوم، وبورصة نيويورك، وهي الملكة، هبطت بنسبة 4 بالمائة اليوم. إنها أكبر عملية هبوط تحدث خلال السنوات الأخيرة، والحقيقة أن هذا لا يفعل سوى التأكيد على صحة ما نفكّر به.

هوغو شافيز: حسناً هذه الأنباء أنا لم...

فيدل كاسترو: لقد خسروا هناك اليوم 800 ألف  مليون دولار، وهذه هي ملكة البورصات، وكان هبوطها أكبر مما كان عليه حين حدثت أزمة جنوب شرق آسيا.

وهكذا فأنا لا أعرف ما الذي سيهزّ زعماء الولايات المتحدة أكثر –حسناً، من يحكم الولايات المتحدة بمبادرة ذاتية-، إذا ما كان ما حدث هناك أم جولته في أمريكا الجنوبية. ما رأيك أنت؟

هوغو شافيز: أقول لك بأنها لم تكن متوفرة لديّ هذه الأنباء، هبوط أسهم بورصتي شنغهاي ونيويورك.

لا بد وأنك تعرف، فأنت تعرف كل شيء، بأن صندوق النقد الدولي يعيش أزمة، وقد قلت يوم أمس، وأقول اليوم، ربما سيتحتم عليه طلب قرض من بنك الجنوب. لا يملك صندوق النقد الدولي أموالاً لدفع الرواتب، وهو يقوم الآن ببيع سبائك الذهب.

فيدل كاسترو: نعم، إنه يقوم ببيع الذهب، وهو الشيء الوحيد الذي له قيمة الآن؛ ما ينبغي عليهم بيعه هو أوراق، الأوراق التي تدفع بها الولايات المتحدة. فبيع الذهب الآن هو من أفعال المجانين؛ ولكن، حسناً، بنك الجنوب هو بنك جادّ، يطمح لأن يكون جادّاً.

هوغو شافيز: سيكون بنكاً جاداً.

فيدل كاسترو: صندوق النقد الدولي لم يكن كذلك أبداً، لكنه يذوق الأزمة، يذوق الأزمة. لاحِظ بأن حدوث هذا قد جاء قبل يومين أو ثلاثة من هبوط أسهم هاتين البورصتين.

هوغو شافيز: إنها ذات الأزمة –كما تعرف أنت جيداً-، أزمة الاقتصاد العالمي. ولكن، عن الخيار، على المستوى الوطني، لكل واحد نموذجه الخاص: نحن الاشتراكية، هناك في كوبا، وهنا في فنزويلا، بمزاياها الخاصة، وعلى المستوى الدولي، "الخيار البوليفاري الخاص بالأمريكتين"(ALBA)، الذي نقوم بتسريع خطواته، كما تعرف يا فيدل، إننا نقوم بتسريعها.

كل الناس يسألون عنك. مررنا بمارتينيك وزرنا الدومينيك وسان فيسينت، وبعث لك بتحيات حارة كل من رئيس الوزراء، روزفلت سكيرّيت، صديقنا، ورئيس وزراء سان فيسينت ولاس غراناديناس؛ ذهبنا للاطلاع على مشروع توسيع المطار. والتقيت هناك مع العمال الكوبيين والفنزويليين وهيئة مهندسي الجيش الفنزويلي. افتتحنا أول خزان للوقود في الدومينيك ومعمل تعبئة الغاز في سان فيسينت، برفقة رالف غونسالفيس.

جميعهم سألوني عنك وأنا قلت ما أعرفه، عن تعافيك، عن معركة "سييرا مايسترا" الجديدة التي تخوضها، هذه المعركة الكبرى التي خضتها وما زلت والتي نرافقك فيها في كل يوم، طالبين من الله، كما قلت أنت: "أن يعين شافيز وأصدقائه"، أن يواصل عونك على انتعاشك الكامل. ونحن، وأنت تعرف يا فيدل، ملايينٌ في العالم الذين نودّ أن نراك عاجلاً بيننا متعافياً بشكل كامل، وهو ما أنا على ثقة كاملة به.

حسنا، جاء دانييل أورتيغا قبل ثلاثة أيام، وتحدثنا لعدة ساعات؛ ولدينا في الأسبوع القادم اجتماعاً في ماناغوا للجنة المشتركة.

وجاء كيرشنير، كما تعلم، إلى ضفة نهر أورينوكو، وقد وجه كيرشنير إليّ دعوة. أستغلّ الفرصة، بمناسبة اتصالك، لأعلن عن ذلك، فلم يسبق أن أعلنّا عن هذا الأمر من قبل. سوف نعقد اجتماعاً في بوينوس أيريس في الأسبوع القادم، سوف نواصل تقدمنا في العلاقة الثنائية بين الأرجنتين وفنزويلا؛ ومن ثم لدينا اجتماعاً آخر في بوليفيا –سوف نزور إيفو في الأسبوع القادم-، للحلف الإستراتيجي، لمحور كركاس-بوينوس أيريس، مروراً ببرازيليا، ومحور مع لا باز، والآن مع كورّيا.

لقد وصلت إلى كيتو أول باخرة، لا بد وأنك تعرف ذلك، إنما أنا استغل اتصالك لذكر كل هذه الأمور التي تعكس مدى تقدمنا، وسنواصل هذا التقدم.

وأنت، فيدل، أيها المثال في المقاومة والآن في الهجوم، لن أدع فرصة اتصالك المفاجئ هذا، الذي يؤثر بنا ويبعث عندنا السعادة، تمرّ دون أن أواصل تذكير شعوبنا بشجاعة كوبا الثورية وشجاعتك؛ شجاعتك، وعيك.

كنا نتذكر وجودك هنا عام 1959، حين بدأت التجربة المسماة ديمقراطية، والتي منيت بفشل ذريع؛ وهذا الفشل دى إلى "ضربة كركاس"، و"ضربة كركاس" أدت إلى الرابع من شباط/فبراير، والرابع من شباط/فبراير أدى إلى ما نحن عليه اليوم، ما يحدث هنا؛ ولكن أنت، وكوبا ومثالها في الكرامة وفي النضال والشجاعة وتضامنها الذي لم يعرف حدوداً أبداً، كنتما وستظلان بيننا كمثال إلى الأبد.

فيدل كاسترو: هوغو، أردت أن أقول لك بأنني كنت مجتمعاً مع رئيس وفدك بالذات، كنا نتحادث، حين وردتنا أنباء من هناك، وهكذا فإنني أشعر بسعادة كبيرة، وأنا معه شخصياً الآن، وسأرى إن كان بإمكاني التحدث مع بعض الشخصيات الأخرى في وقت لاحق.

إنهم يقومون بالعمل الكثير هنا، بحماس كبير، استغلالاً منهم للوقت القصير الذي ما زال أمامنا. عامل الوقت لا يمكن نسيانه، وبرأيي أن الوقت المتبقي أمامنا قصيراً، وعلى ما يبدو فإنهم على وعي أكبر لذلك.

أتوجه لك بالشكل الكبير على كل تحياتك، وخاصة أني تذكرت بأن أعيد لك الميكروفون، لأنه إذا ما دب بي الحماس كما دبّ فيك، لا أستطيع أن أنافسك، وإنما نعم أن أجاريك قليلاً.

وأود أن أتوجه بالشكر أيضاً على تحيات الفنزويليين، هذا الشعب البطل، العزيز جداً، الذي أوصلك إلى المسؤوليات التي تتحملها اليوم. لقد أعيدت كتابة التاريخ، ولكن قبل 200 سنة كل شيء كان مختلفاً. لقد تبدّل العالم بشكل كبير خلال السنوات الستين الأخيرة، وهذا هو الزمن الذي يجب استغلاله ويجب التمعُّن به جداً. إنني أخصص وقتاً لذلك، وأشعر بالسعادة لأنني أظن بأنه ليس هناك شيء أهم من ذلك. وأشعر بالبهجة لرؤيتي كيف يعمل مبعوثوك –سبق وذكرت لك شيئاً من هذا-، بحماس، بجدّية. وأتوجه للجميع بالامتنان على ما يحيطونني به من تعبيرات وديّة وتشجيع، في هذا الوقت الذي أكرّس نفسي فيه لهذه المهمّة.

لا أستطيع أن أعدك بالذهاب عاجلاً إلى هناك لمرافقتك في واحدة من تلك الرحلات، ولكنني آخذ باستعادة القوة، وأشعر بأن لدي قدراً أكبر من الطاقة، مزيداً من القدرة ومن الوقت للدراسة. لقد عدت لأصبح طالباً، باختصار.

هوغو شافيز: أخلاق ونور.

فيدل كاسترو: أخلاق ونور! إن هذا لا يغيب عن ذهني الآن، لأنها المرة الأولى التي أرى فيها أحداً يحاول كسب هذه المعركة الأخلاقية مستنداً إلى وصوله لنفس وقلب وعقل الناس.

لا أدري إن كان ما يزال لديك متسعاً، ولكن يفترض أنك أردت أن تتكلم مع راميريز. قل لي ماذا أفعل.

هوغو شافيز: لا، غداً أستطيع أن أتكلّم مع راميريز، إننا نستمع إليك الآن وتغمرنا سعادة كبيرة، يسعدنا سماعك ومعرفتنا أنك تتعافى. واصِل تعافيك، ولا تنس "التسونامي".

فيدل كاسترو: لا.

هوغو شافيز: واصِل تعافيك.

فيدل كاسترو: هناك أمر كدت أنساه، أن الجميع هنا يشكرونك على بلوغهم الأنباء عنّي، فأنا أتكلّم، وأصمت، صمت مطبق، لأنه ليس بوسعي أن أواصل الكلام في كل يوم، لا أستطيع أن أخلق عادة، آفة الإطلاع على أخباري في كل يوم. ألتمس من الجميع الصبر والهدوء، وأنا أشعر بالسعادة لأنني أرى الجميع مطمئنين، وأمور البلاد تسير على ما يرام، وهو الأمر الأهم. وأطلب أيضاً الهدوء لنفسي، حتى أتمكن من تنفيذ مهماتي الجديدة حتى هذه اللحظة.

هوغو شافيز: نعم، فيدل، فقد تحوّلتُ... حسناً، لقد حوَّلتني أنت إلى نوع من المبعوث، أو المصدر. من يريد أن يعرف كيف حال فيدل يأتي إلى هنا، يتصل بي، يتحدث معي، وأنا أقول له الحقيقة دائماً، أروي له ما يحدث: تعافيك، مثالك، مثابرتك.

قلتَ أنه ليس بوسعك أن ترافقني عاجلاً هنا في رحلة؛ ولكن الأمر لا يحتاج لذلك، فأنت بيننا دائماٍ، وأرجو أن أعود عاجلاً إلى هافانا من جديد لكي نواصل حديثنا وعملنا وكسب الوقت من الوقت، فقد قلت أنت ذلك، وهذا هو إمعان جيّد يفيدنا جميعاً.

يبعث لك بتحياته من هنا نائب الرئيس، لجنة السلطة الشعبية، السلطة البلدية، والذين سنجتمع الآن بعد انتهاء البرنامج؛ كل الفتية، وتيريسيتا وإيلينا، وفريق التلفزيون الفنزويلي وفريق الإذاعة الوطنية الفنزويلية، وكل الملايين والملايين الذين يستمعون إلينا.

هل تعرف نسبة المستمعين إلى الساعة لأولى من البرنامج؟ أربعون بالمائة! مما تشكل، كما تعرف، أمراً ما فوق العادي، نسبة الاستماع إلى "آلو، سيادة الرئيس".

فلنكسب الوقت، يا فيدل، وسنكسب المعركة من أجل الحياة.

فيدل كاسترو: جيد جداً.

هوغو شافيز: شكراً على اتصالك التاريخي.

فيدل كاسترو: مليون شكر للجميع.

هوغو شافيز: فلنصفّق لفيدل (تصفيق). إنه تصفيق حاد، أيها الأخ؛ تحية حارّة، أيها الرفيق، وأنت تعرف بأنه ليس عندي أي نوع من العقد، أسميك أبي أمام الجميع!

فيدل كاسترو: حتى النصر دائماً!

هوغو شافيز: سننتصر!

فيدل كاسترو: سننتصر!

هوغو شافيز: برافو! (تصفيق حاد وهتافات بـِ "برافو").