الطاولة المستديرة الإعلامية حول الأحداث الخطيرة في فنزويلا، والمنعقدة في أستوديوهات التلفزيون الكوبي في الثاني عشر من نيسان/أبريل 2002، "عام الأبطال أسرى الإمبراطورية".

(الطبعات الاختزالية – مجلس الدولة)

راندي ألونسو: أسعدتم أوقاتاً، حضرات المشاهدين والمستمعين.

تبدأ محطة كوبافيسيون التلفزيونية وإذاعة راديو ريبيلدي وإذاعة هافانا كوبا نقل هذه الطاولة المستديرة الإعلامية حول الأحداث الخطيرة في فنزويلا والتي أدت إلى إطاحة القوى المعادية للثورة بالرئيس الدستوري لجمهورية فنزويلا البوليفارية، هوغو شافيز فريّاس، واعتقالها له.

ولمناقشة ذلك يرافقني هذا المساء على الطاولة كل رئيس تحرير صحيفة "خوبينتود ريبيلدي"، روخيليو بولانكو؛ ومحررة الصفحة الدولية في صحيفة "خوبينتود ريبيلدي" أيضاً، خوانا كارّاسكو؛ والصحافي في جريدة "تراباخادوريس"، لازارو بارّيدو؛ والمعلق الدولي في النظام الإخباري للتلفزيون الكوبي، إدواردو ديماس.

(تُعرض مشاهد قصيرة عن الموضوع)

في ساعات الفجر من هذا اليوم، الجمعة، وبعد اضطرابات خطيرة في العاصمة، كما سبق وأبلغت صحافتنا المحلية هذا اليوم، تمكّنت القوى المعادية للثورة الفنزويلية من الإطاحة بالرئيس هوغو شافيز. كانت المجموعة التنفيذية من رجال الأعمال "فيديكاماراس" (Fedecamaras) والقيادة غير الشرعية لاتحاد النقابات العمالية الفنزويلية قد وقفتا يوم أمس وراء أعمال عنف خطيرة واستفزازية تخللت مظاهرة تم تنظيمها ضد قصر الحكومة، وذلك في لحظات كان الرئيس شافيز يتوجه فيها بكلمة للبلاد. وقام أعضاء في المعارضة بإطلاق نار أسلحتهم على الحرس الوطني ومؤيدي العملية الثورية، وذلك بعد دقائق قليلة بالذات من كشف شافيز عن الطابع التمردي للإضراب العام المفتوح الذي أعلنته الهيئتان بدعم من وسائل إعلام القطاع الخاص.

هذه الأحداث تمت متابعتها من قبل الصحافة العالمية، عبر أنباء تلاعبت بها جيداً الصحافة ووسائل الاتصال الفنزويلية، وتحوّلت إلى محور اهتمام الرأي العام العالمي.

انقلاب معادي للثورة أطاح بحكومة الرئيس شافيز.

عصر هذا اليوم، أدلى وزير علاقاتنا الخارجية، فيليبي بيريز روكي، بتصريحات هامة في مقر الوزارة أمام صحافيين محليين ودوليين معتمدين في بلدنا.

أقترح عليكم أن نبدأ طاولتنا المستديرة بالتصريحات التي أدلى بها الوزير عصر هذا اليوم.

فيليبي بيريز: أسعدتم أوقاتاً.

نشكركم على مجيئكم إلى السفارة لتلقي البلاغ التالي.

لقد دعونا الصحافة المحلية والأجنبية المعتمدة في هافانا من أجل الإبلاغ أنه في هذه اللحظة، في خضم وضع الانقلاب الذي يحدث في فنزويلا، تقوم مجموعة قوامها حوالي 400 شخصاً بمحاصرة السفارة الكوبية في كركاس. ويتحرك على رأس هذه الجماعة الجانحة للعنف رموز من اليمين المتطرف الكوبي ممن يقيمون في فنزويلا، ويمثلون هناك المجمع الوطني الكوبي-الأمريكي ومجموعات متطرفة وإرهابية أخرى تتخذ من ميامي، الولايات المتحدة، مقراً لها.

وصل هؤلاء العناصر المتطرفين من أصل كوبي أولاً إلى السفارة الكوبية، وبدأوا وسط مناخ من الصمت والسكوت المطلق بدعوة قطاعات متطرفة وميّالة للعنف أخرى من المواطنين الفنزويليين، من مؤيدي الانقلاب، إلى خلع باب السفارة الكوبية والدخول إلى المقر الذي تشغله هذه في كركاس.

في هذه اللحظة يحاصرون السفارة، وقد تم قطع الكهرباء والمياه كلياً عن الطاقم الدبلوماسي الكوبي العامل داخل المقر الدبلوماسي؛ وتجري الدعوة الآن لوقف الإمداد من المواد الغذائية لسفارتنا، وتوجه دعوات ملحّة من أجل محاصرة المقر الدبلوماسي للسفارة الكوبية بالقوة والدخول إليها، وذلك بمشاركة بعض القنوات التلفزيونية الفنزويلية التابعة للقطاع الخاص، والتي كان لها ضلعاً في أحداث يوم أمس ضد الحكومة الدستورية.

لقد حاول الطاقم الدبلوماسي، والسفير الكوبي خيرمان سانشيز شخصياً، الاتصال بوزارة العلاقات الخارجية الفنزويلية، بل وأنه أرسل مذكرة دبلوماسية عبر الفاكس، شارحاً فيها هذه الأحداث الخطيرة؛ واتصل برئيس بلدية هذه المنطقة من مدينة كركاس ودعاهما إلى تحمّل مسؤوليتهما في حماية أفراد الطاقم الدبلوماسي الكوبي المعتمدين في كركاس وعائلاتهم. لم يتلقوا إجابة؛ ففي خضم هذا الوضع من الفوضى العامة لم يردّ أحد من وزارة العلاقات الخارجية ولا من رئاسة البلدية.

لدى الطاقم الدبلوماسي الكوبي الذي يتواجد في هذه اللحظة في مقرنا تعليمات بعدم السماح بالدخول بطريقة غير مشروعة إلى مقرنا الدبلوماسي وأودّ أن يكون واضحاً البلاغ بأنه إذا ما دخل إلى هناك عناصر من هذه الجماعة الجانحة للعنف، وعرّض ذلك سلامة الدبلوماسيين وعائلاتهم للخطر، فإن دبلوماسيينا لن يترددوا في الدفاع عن سفارتنا، ولو كلفهم ذلك أرواحهم.

إن الحكومة الكوبية تحمّل الانقلابيين الذين يحاولون الاستيلاء على السلطة في فنزويلا بطريقة غير مشروعة عبر انقلاب مسؤولية ما يحدث في السفارة الكوبية وسلامة الدبلوماسيين الكوبيين وعائلاتهم والمحافظة على أرواحهم وممتلكات سفارتنا.

وبما أنهم يسكتون الآن عن نشاط العنف والتطرف هذا ضد الطاقم الدبلوماسي المعتمد في كركاس، انتهاكاً منهم للمعاهدات الدولية، ولمعاهدة فيينا الخاصة بالعلاقات الدبلوماسية، فإنهم سيتحمّلون المسؤولية.

أكرر بأن لدى طاقمنا الدبلوماسي تعليمات، للدفاع عن المقر الدبلوماسي الكوبي إذا ما دخلوا إليه بالقوة وهو على أتم الاستعداد لفعل ذلك ولو كلفهم أرواحهم.

من ناحية أخرى، أود القول بأن جميع الأنباء الواردة من فنزويلا تُبدي بوضوح بأن ما وقع في فنزويلا يوم أمس هو انقلاب. المدعي العام للجمهورية أبلغ الصحافة للتو بأنه قد تم اعتقال الرئيس شافيز ويجرى احتجازه بالقوة داخل منشأة عسكرية، وأن الإدعاء بأنه استقال هو إدعاء كاذبٌ كلياً. وقال المدعي العام: "الرئيس شافيز لم يستقل، لم يتم إظهار أي وثيقة أمام الرأي العام تثبت استقالة الرئيس شافيز". وعليه فإن الرئيس شافيز في هذه اللحظة هو الرئيس الدستوري لفنزويلا، تم احتجازه بالقوة في حين يجري السير قدماً بالانقلاب في فنزويلا.

وأشار المدعي العام بوضوح إلى أنه حسب الدستوري الفنزويلي، وليس فقط دستور عام 1999، وإنما كذلك دستور عام 1961، فإنه حتى في حال قرر الرئيس الدستوري للجمهورية الاستقالة من منصبه، فإن هذه الاستقالة يجب تقديمها أمام الاجتماع العام للجمعية الوطنية للبرلمان الفنزويلي، وهذا الأمر لم يحدث.

وأعلن المدعي العام بأن الإدعاء العام قد مُنع من مقابلة الرئيس شافيز والاتصال به، وأن المعلومات المتوفرة لديهم قد تم الحصول عليها عبر مصادر عسكرية، من بعض المدّعين العسكريين الذي استطاعوا الوصول إلى مكان تواجد الرئيس الدستوري لفنزويلا بطريقة غير مشروعة وبالقوة.

ويقول المدعي العام بأنه لو أن الرئيس الدستوري استقال –وهو أمر لم يحدث، حيث لم يتم عرض أي وثيقة، ولم يتم السماح للرئيس شافيز بالتحدث إلى الرأي العام، ولا توجد وثيقة، ولم تعقد الجمعية الوطنية اجتماعاً ينبغي أن يقدم استقالته فيه، حسبما ينص الدستور-، لو صحّ ذلك، يجب أن يحل محله حسب نص الدستور نائب رئيس الجمهورية، وهو في هذه الحالة السيد ديوسدادو كابيجو؛ والرئيس شافيز لم يعزِل من المنصب لا نائب رئيس الجمهورية ولا الوزراء الذي يتكون الجهاز الحكومي منهم. وبالتالي، فإن الذين يحاولون اغتصاب السلطة بالقوة في فنزويلا من خلال العنف، إنما هم ينتهكون الدستور الفنزويلي والمرتكزات القانونية ويضعون البلاد في حالة انتهاك كامل لأسس الميثاق الديمقراطي عبر الأمريكي، الذي أقرته منظمة الدول الأمريكية.

وقال المدعي العام بأنه يتم اعتقال الرئيس بشكل مجحف، وبأنه لم يوقّع أي وثيقة، وأنه حتى لو استقال كل من الرئيس ونائب الرئيس، فإن من يمسك بزمام السلطة في البلاد في هذه الحالة هو رئيس الجمعية الوطنية الفنزويلية. وعليه، فإن الأحداث التي تسجَّل منذ فجر اليوم هي انتهاك للدستور الفنزويلي، والمجموعة الانقلابية، التي تقوم بمحاولة تعزيز وجودها في السلطة، تنتهك الدستور الفنزويلي وتنتهك الأسس الديمقراطية الموضوعة في منظمة الدول الأمريكية، التي تنتمي إليها فنزويلا.

لقد أدان العديد من حكام الولايات الانقلاب، ورفضوا الموافقة على شرعية سلطة الانقلابيين؛ وقد تم اعتقال العديد منهم واقتيادهم إلى أماكن مجهولة، وذلك وسط حالة من الملاحقة والقمع تشارك فيها قطاعات عسكرية وعناصر انقلابيين مرتبطين بالطغمة التي أعلنت قبل ساعات عن استيلائها على السلطة بطريقة غير مشروعة.

إن كوبا تدين هذا الانقلاب أمام الرأي العام العالمي.

وكوبا تحمّل الانقلابيين، الذين يسكتون في هذه اللحظة عن محاصرة سفارتها، مسؤولية ما يحدث للطاقم الدبلوماسي الكوبي وعائلاتهم هناك. وتجدد كوبا تأكيدها بأنه ستقع على كاهلهم مسؤولية أي حالة من العنف وأي اعتداءات يتعرض لها الطاقم الدبلوماسي الكوبي.

وتؤكد كوبا مجدداً بأن أفراد الطاقم الدبلوماسي الكوبي سيدافعون عن سفارتنا إذا ما دخل هؤلاء العناصر إليها، ولو كلف ذلك أرواحهم، وتحمّل القطاعات الانقلابية التي سمحت وتسكت الآن عن حفز ودعوة قطاعات متطرفة إلى اقتحام السفارة الكوبية، العاملة الآن بلا ماء ولا كهرباء وهي محاصرة كلياً من قبل هؤلاء العناصر، والذين يتصرفون هناك بسكوت كامل من قبل القانون.

لقد ذكر المدعي العام بأنه لا يوجد وضع دستوري في فنزويلا في هذه اللحظة، وبأنه يحدث انقلاب تقوم مجموعة أمر واقع من خلاله بالاستيلاء على السلطة في البلاد عبر انتهاك القانون الفنزويلي.

نريد أن يعرف شعبنا والرأي العام المحلي، والرأي العام العالمي خاصة، هذه الأحداث الخطيرة.

أسئلة.

لوسيا نيومان (CNN): نعم، أسعدتم أوقاتاً، معالي الوزير.

لديّ سؤالين: أولاً، هل هناك شيء صحيح من الشائعات أو التقارير التي تقول بأن زوجة الرئيس شافيز موجودة في كوبا؟، وثانياً، ما هي ردة فعلكم على إعلان رئيس شركة "بيتروليوس دي فنزويلا" (Petroleos de Venezuela) بأنه لن يتم تزويد كوبا بقطرة واحدة من النفط الفنزويلي بعد اليوم؟

فيليبي بيريز: زوجة الرئيس شافيز ليست في كوبا.

تقوم بإدارة شركة "بيتروليوس دي فنزويلا" في هذه اللحظة مجموعة من الأشخاص تستجيب لمصالح الانقلابيين العاكفين على محاولة تعزيز وجودهم في السلطة في فنزويلا عبر سبل غير مشروعة، عبر انقلاب، السيطرة على البلاد عبر فرض الأمر الواقع. إن كوبا لا تعترف بشرعية إدارة شركة "بيتروليوس دي فنزويلا"، التي تستجيب للقطاعات الانقلابية.

ماوريسيو فيسينت (El Pais): لدي سؤالين، معالي الوزير.

هل تمكن الرئيس الكوبي في ساعات الليل من التحدث إلى الرئيس الفنزويلي قبل فرض العزلة عليه؟

والسؤال الثاني عمّا إذا كانت كوبا ستتخذ أي مبادرة على المدى المنظور في أي محفل دولي، في منظمة الأمم المتحدة، لا أدري، تشجب هذا الوضع.

فيليبي بيريز: الرئيس فيدل كاسترو نعم أجرى اتصالاً في الليل، في ساعات الفجر، مع الرئيس شافيز.

سوف تطلب كوبا الدعوة لعقد اجتماعات للآليات الدولية لحماية النظام الدستوري الديمقراطي واحترام دولة القانون.

سوف تطلب كوبا عقد اجتماع لمكتب تنسيق حركة بلدان عدم الانحياز. وتبذل كوبا في هذه اللحظة مساعٍ مع بلدان أخرى من حركة بلدان عدم الانحياز لكي يتم عقد الاجتماع المذكور في منظمة الأمم المتحدة.

وتقوم كوبا في هذه اللحظة بإبلاغ الأمانة العامة للأمم المتحدة بوضع الحصار والعنف الذي يتعرض له مقرها الدبلوماسي في كركاس.

تقوم كوبا ببذل المساعي لكي تطّلع مجموعة السبعة وسبعين، التي ترأسها فنزويلا حالياً، على الأوضاع الخطيرة التي أدت إلى استيلاء طغمة انقلابية على السلطة ومحاولتها تعزيز وجودها فيها في فنزويلا.

ماويسيو فيسينت: إذا كان بوسعكم أن تخبرونا شيئا عمّا تحدثاه وما الذي نقله هوغو شافيز للرئيس الكوبي.

فيليبي بيريز: لا، هذا سؤال آخر، إنما أستطيع التأكيد فقط بأنهما قد تحادثا.

بينيتو خ. ميلانيس (راديو ريبيلدي): سؤال وتوضيح.

السؤال هو عن وضع المتعاونين الكوبيين في جمهورية فنزويلا البوليفارية، إذا كان معروفاً لديكم. والتوضيح: ما هي التعليمات الموعزة للطاقم الدبلوماسي الكوبي في كركاس للدفاع عن السفارة، كيف؟

فيليبي بيريز: يوجد في فنزويلا حالياً 1043 متعاوناً مدنياً كوبياً: مدربون رياضيون، أطباء، طاقم من العاملين في مجال الصحة وعمال وفنيين من قطاعات اقتصادية وخدماتية أخرى، ممن يتواجدون هناك بموجب اتفاق موقع بشكل قانوني بين حكومة جمهورية فنزويلا الشرعية والحكومة الكوبية.

حتى ما قبل خمس دقائق من الآن كانت الأنباء الواردة إلينا تفيد بأن هذا الطاقم في مأمن، وأفراده على اتصال مستمر برؤسائهم، بالفريق الذي يدير التعاون الكوبي هناك، وبالسفارة الكوبية في كركاس. ونحن هنا، في هافانا، على اتصال دائم بهم. إنهم يتواجدون في أماكن آمنة، وقد أخذوا بالتجمع، ولا نعتقد أن هذا الطاقم، الذي لا تتواجد أغلبية أعضائه في كركاس وإنما في الولايات الداخلية من البلاد، يتعرض لأي خطر في هذه اللحظة.

على كل حال، نحمّل السلطات الانقلابية أيضاً مسؤولية أي حادث أو اعتداء أو استفزاز يتعرض لها هؤلاء المتعاونين، الذين قدموا خدمات قيّمة للشعب الفنزويلي خلال هذه الفترة.

سيدافع طاقم السفارة الكوبية عن سلامة مقرنا الدبلوماسي بكل السبل المتاحة له، وخاصة بأرواحهم، وهو أهم سلاح.

أندريا (El Universal): أسعدتم أوقاتاً.

في حال استمرار الوضع الحالي، ما هو تقديركم لواقع أن تصبح كوبا بلا نفط فنزويلي وماذا سيكون عليه أثر ذلك، سواء بالنسبة للاقتصاد الكوبي أم بالنسبة لرفاه المواطنين الكوبيين؟

في هذه اللحظة نحن نتناول وضع يبلغ هذه الصفة الطارئة، وهذا هو موضوع يمكن الحديث عنه في وقت لاحق. ما يمكنني تأكيده هنا هو الثقة المطلقة بأن الحكومة الثورية الكوبية والشعب الكوبي مستعدَّين لمواجهة أي وضع، حتى أصعبها. ينبغي ألا يغيب عن الأذهان بأننا نخرج من عشر سنوات من الفترة الخاصة، من قطْع وحشي وغير منتظر لعلاقاتنا الاقتصادية مع شركائنا التقليديين وأنه كانت عند بلادنا القدرة والموهبة ودعم الشعب في تجاوز صعوبات بالغة كهذه.

أود أن أقول هنا بأن كوبا تنتظر هنا في حالة ترقّب وتتابع باهتمام بالغ ردة فعل مجموعة ريّو، المجتمعة في سان خوسيه، كوستاريكا، وردة فعل منظمة الدول الأمريكية، وردة فعل حكومات القارة، بما فيها حكومة الولايات المتحدة، عن هذا القطع العنيف للنظام الدستوري الديمقراطي في بلد من بلدان القارة. تتابع كوبا باهتمام بالغ ما ستكون عليه ردود الفعل عند حكومات المنطقة والهيئات الإقليمية والدولية، وتأمل بأن تعترض على الانقلاب الذي وقع في فنزويلا، وأن تطالب، كما كوبا، بإعادة الحكومة الديمقراطية المنتخبة دستورياً في فنزويلا، وإعادة السلطات الشرعية الفنزويلية، وتأمل ألا يكون هناك أي نوع من الصمت أو السكوت، وخاصة في الزمن الذي يكثر فيه الحديث عن الديمقراطية والنظام الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان والدعوة إليها، في وقت يعرف الجميع بأن مجموعة من الانقلابيين قد استولت بطريقة غير مشروعة في فنزويلا على سلطة البلاد بالقوة.

صحافي: معالي الوزير، من فضلكم، هل هناك موظفين لجأوا إلى السفارة الكوبية؟ هل نائب الرئيس كابيجو بينهم؟

فيليبي بيريز: ليس هناك أي فنزويلي على الإطلاق يلجأ إلى السفارة الكوبية في كركاس؛ إنها كاذبة الاتهامات التي وجهها في هذا المجال زعماء من اليمين المتطرف الكوبي هناك، اليمين الإرهابي المرتبط بالقطاعات المتطرفة في ميامي، من أجل حفز القطاعات الجانحة للعنف بين المواطنين الفنزويليين على غزو ومحاصرة ومهاجمة السفارة الكوبية، التي تتعرض في هذه اللحظة لحصار حقيقي من حيث الاتصالات والكهرباء والماء والاتصال بالعالم الخارجي.

السيارات الدبلوماسية الخاصة بالطاقم الكوبي التي كانت متوقفة خارج مقرنا الدبلوماسية تعرضت للضرب، وبعضها دمِّر كلياً. غير أن أفراد الطاقم الدبلوماسي الكوبي وعائلاتهم يحافظون برباطة جأش على حياة وأمن العائلات وأفراد الطاقم في هذه اللحظة. ونأمل ألا يحدث وضعاً من العنف –من شأنه أن يكون خطيراً- بحق الدبلوماسيين الكوبيين وعائلاتهم هناك، والذين يتمتعون بحصانة دبلوماسية، حسب كل المعاهدات الدولية في هذا المجال.

هل من سؤال آخر؟

أوسكار مدريد (ANSA): معالي الوزير، في حال تعزز الانقلاب في فنزويلا، ماذا سيكون عليه موقف الحكومة الكوبية؟ وإذا ما كان هناك احتمال لمنح اللجوء للرئيس شافيز.

فيليبي بيريز: لا أستطيع أن أتصور وضعاً يتعزز فيه انقلابٌ في أمريكا اللاتينية في القرن الحادي والعشرين. لا يمكن أن أصدق بأن هذا أمر ممكن. آمل أن يساهم الضغط الدولي من جانب حكومات المنطقة، من جانب حكومة الولايات المتحدة وبقية حكومات أمريكا اللاتينية، وضغط مجموعة ريّو، ومنظمة الدول الأمريكية، مطالبةً منها بتنفيذ المادة المتعلقة بالديمقراطية من الميثاق الديمقراطي عبر الأمريكي، في منع تثبيت الانقلابيين لأقدامهم في السلطة، وهم الذين يغتصبون اليوم السلطة في فنزويلا بطريقة غير مشروعة. وعليه، أنا لا أتصوّر هكذا وضع، فمن شأن ذلك أن يشكّل انتهاكاً خطيراً وسابقة سلبية جداً وضربة ساحقة لمصداقية كل الخطاب الداعي للديمقراطية، والذي ساد على مدى سنوات في هذه القارة.

آمل ألا يُسمح هذه المرة، كما تم السكوت مرة أخرى، عن دكتاتورية انقلابية في بلد من بلدان أمريكا اللاتينية. ليس بوسعي أن أتصور وضعاً تسكت فيه حكومات المنطقة والمؤسسات الديمقراطية الإقليمية أو تدعم أو تعترف بحكومة يجري تشكيلها هناك بطريقة غير مشروعة، حسبما ذكر المدعي العام الفنزويلي، بينما الرئيس الدستوري معتقلاً، بدون أن يكون قد استقال، وبدون أن يكون نائب الرئيس قد استقال، وبدون أن يكون الوزراء قد استقالوا أو عُزلوا من مناصبهم، وذلك كلّه بالقوة المطلقة، إنه انقلاب. لا أستطيع أن أتصور هكذا وضع.

عن الرئيس شافيز، يجب أولاً معرفة ما سيفعله به الانقلابيون، الذين يبقون عليه حالياً في المعتقل وفي عزلة، مع أنه الرئيس الدستوري للبلاد، بدون أن يكون قد استقال، وبدون أن يتم إظهار أي وثيقة، وفي لحظات يجري فيها الحديث بكل خداع، عن "عملية انتقال ديمقراطي" في فنزويلا.

ترفض كوبا إطلاق اسم "عملية انتقال ديمقراطي" على هذا الانقلاب. ما حدث في فنزويلا هو انقلاب، وهي تعتبر أنه يجب رفضه وإدانته ويتعيّن مطالبة الانقلابيين الذين يسيطرون على السلطة بطريقة غير مشروعة أن يعيدوها إلى السلطات الدستورية الفنزويلية، التي انتخبها الشعب ديمقراطياً، بموجب الدستور الفنزويلي.

ميري مورّاي (NBC): معالي الوزير، هل بإمكانكم تقديم أي معلومة عن الدبلوماسيين الكوبيين في كركاس، كم عدد الأشخاص الذين يتواجدون في السفارة؟ وكم يبلغ عدد زوجاتهم في البلاد وكم طفلاً، وأين يتواجد الزوجات والأطفال؟

بالإضافة لذلك، هل تلقت الوزارة اليوم أي طلب للجوء من قبل الفنزويليين الذين يتواجدون هنا في كوبا؟

فيليبي بيريز: لم تتلقَّ الوزارة أي طلب للجوء، لا علم لنا بحدوث مثل هذا الأمر.

يعدّ أفراد الطاقم الدبلوماسي وعائلاتهم بعشرات الأشخاص، ويتواجد النساء والأطفال في هذه اللحظة بحماية مقر إقامة السفير الكوبي، وتجري حماية السفارة الآن والدفاع عنها من قبل مجموعة من الموظفين الدبلوماسيين من بلدنا. وتوجد هناك أيضاً عائلات أخرى نأمل أن تكون حياتهم في مأمن وأن يتم احترام حصانة المقرات الدبلوماسية الكوبية.

هل من سؤال آخر؟

فرانسيسكو راميريز (Notimex): معالي الوزير، في خضم وضع بالغ الانسياب وبدون أن يتعزز، هل يساور كوبا قلق يرتكز إلى أساس حول سلامة الرئيس شافيز الجسدية؟

فيليبي بيريز: يساور كوبا القلق حول سلامة الرئيس شافيز الجسدية، الذي يتواجد الآن في عزلة، وهو رهن الاعتقال وموقوف بالقوة في منشأة عسكرية، في ثكنة للجيش.

تعتبر كوبا الرئيس شافيز في هذه اللحظة الرئيس الدستوري لفنزويلا، وكوبا ترفض النبأ القائل بأن الرئيس شافيز قد استقال، وتتحدى كوبا الانقلابيين بأن يُبرزوا وثيقة قدم الرئيس شافيز استقالته من خلالها.

شكراً جزيلاً.

راندي ألونسو: هذه هي تصريحات وزير علاقاتنا الخارجية، فيليبي بيريز روكي، عصر اليوم حول الأحداث الخطيرة التي وقعت يوم أمس في جمهورية فنزويلا البوليفارية، حيث تحالفت القوى المعادية للثورة من قطاع رجال الأعمال اليميني الفنزويلي واتحاد غير مشروع للنقابات العمالية في هذا البلد ووسائل الاتصال في محاولة أثمرت في نهاية الأمر للإطاحة بالرئيس هوغو شافيز، بحكومة جمهورية فنزويلا البوليفارية، والتي أدت أيضاً إلى ضلوع مباشِر جداً من جانب جنرالات القوات المسلحة في ذلك البلد.

هناك لحظات عديدة بارزة من هذه الأحداث، التي تتوجت يوم أمس بالإطاحة بالرئيس هوغو شافيز.

أقترح عليكم أن نحدد بعض الجوانب الأساسية من القوى الرئيسية المشارِكة في هذه الأحداث الخطيرة التي وقعت في فنزويلا.

بعض هذه السوابق والتي أودت إلى أحداث يوم أمس هذه يتناولها إدواردو ديماس.

إدواردو ديماس: شكراً.

نعم، بالفعل، في السادس من نيسان/أبريل الجاري أعلنت القيادة غير الشرعية لاتحاد النقابات العمالية الفنزويلي، إلى جانب قيادة قطاع رجال الأعمال، أي قطاعات البرجوازية والأوليغارشية الفنزويلية، التي يتكون منها اتحاد "فيديكاماراس" (Fedecamaras)، عن القيام بإضراب مدته 24 ساعة تأييداً لمديري شركة "بيتروليوس دي فنزويلا" (Petroleos de Venezuela)، أي المديرين الذين تمت إحالتهم للتقاعد، وهم مديرين تمت إقالتهم من وظائفهم كمحصلة لمعارضتهم للإدارة الجديدة الموجودة في تلك اللحظة، والتي قامت الحكومة بتعيينها. وعلينا أن نتذكر بأن شركة "بيتروليوس دي فنزويلا" هي شركة حكومية.

بمعنى أن هناك عنصراً هاماً في هذا التحالف، تحالف القيادة غير الشرعية لاتحاد النقابات العمالية الفنزويلي مع "فيديكاماراس": وهو تحالف الأرستقراطية العمالية مع البرجوازية من أجل القيام بإضراب. وقام هذا الإضراب في التاسع من نيسان/أبريل بالذات، وأثرّ بقدر متفاوت على قطاعات مختلفة في البلاد؛ غير أن أوساطاً صحفية أشارت إلى أن أي من القطاعات الاقتصادية في البلاد لم تتجاوز نسبة تأثره الأربعين بالمائة، وقررت القيادة النقابية وقيادة قطاع رجال الأعمال تمديد الإضراب لثمانٍ وأربعين ساعة أخرى.

في العاشر من نيسان/أبريل أعلن كل من اتحاد النقابات العمالية وقيادة قطاع رجال الأعمال بأن الإضراب أصبح إضراباً مفتوحاً، وهذا هو، بشكل عام، منشأ الأحداث والمظاهرات التي قامت لاحقاً وأدت إلى كل الوضع الذي تتوّج بالإطاحة بالرئيس هوغو شافيز عبر انقلاب.

أعتقد أن أول ما يجب أخذه بعين الاعتبار –فهذا الأمر يشكل في نهاية المطاف محصلة- هو أن مقدمات التآمر على الثورة البوليفارية وعلى الرئيس شافيز تعود إلى ذات اللحظة التي تولّى فيها هوغو شافيز سدة الرئاسة، بعد الانتخابات الأولى التي أجريت، وقيامه بجملة من الإصلاحات وتعديل الدستور وإجراء انتخابات جديدة تم انتخابه فيها رئيساً. وقد أخرج من السلطة، أو أخفض مقاعد الأحزاب التقليدية، "كالحركة الديمقراطية" و"COPEI"، التي كانت قد تناوبت في السلطة على مدى أربعين سنة، والأمر الوحيد الذي فعلته في نهاية الأمر هو إغراق ثمانين بالمائة من مواطني فنزويلا بالفقر، مع أنها واحداً من أغنى بلدان أمريكا اللاتينية.

وعلينا أن نتذكّر أيضاً بأن العملية التي أدت إلى هذا الوضع، أي عملية إثارة الاضطرابات تلك، التي قامت بها هذه القطاعات تحتوي على عدة جوانب، وهي جوانب تم استخدامها أيضاً في أماكن أخرى –أذكر منها شيلي أليندي وغيرها-، أحدها هو إخراج رؤوس الأموال من البلاد: فبين عامي 1999 و2001 تم إخراج أكثر من 23 ألف مليون دولار من فنزويلا، وذلك على يد هذه القطاعات بالذات من البرجوازية المحلية والمستثمِرين الأجانب؛ حملة صحفية يومية متواصلة من خلال جميع القنوات التلفزيونية والمحطات الإذاعية والصحف؛ واختلاق نزاعات عمل ونزاعات اجتماعية، والقيام بمظاهرات استفزازية وافتراءات وإشاعات، وكل الآليات التي استخدمتها الرجعية منذ الأزل. وبعد ذلك نشأ هذا الوضع الذي أدى لاحقاً إلى الأحداث الجارية منذ التاسع من نيسان/أبريل. بدأ كل ذلك من لحظة هامة، وهي الأول من كانون الأول/ديسمبر من العام الماضي، حين دعت قيادة قطاع رجال الأعمال إلى إضراب لمدة 12 ساعة.

وعليه فإن ما نشهده هو محصلة حملة بكل معنى الكلمة قامت بها البرجوازية والأوليغارشية المحلية الفنزويلية، بمساعدة الأحزاب التي كانت قد فقدت مقاعد في السلطة وقطاعات من الأرستقراطية العمالية ونقابات باعت نفسها، نقابات غير شرعية أدت إلى الوضع الذي نشأ يوم أمس.

راندي ألونسو: أعتقد أن هذه التي شرحها ديماس هي مقدمات هامة من أجل فهم كل الأحداث التي تجري منذ يوم الثلاثاء في فنزويلا: إضراب عام فشل في يومه الأول، وتم تمديده لأربع وعشرين ساعة، ثم الانتقال لتحويله إلى إضراب مفتوح، بدعوة من هذه المجموعة من القوى المعادية للثورة وقوامها قيادة قطاع رجال الأعمال ونقابات غير شرعية؛ ووسائل اتصالات لعبت دوراً هاماً جداً في هذا الانقلاب الذي وقع يوم أمس في فنزويلا وأيده الجيش، القوات المسلحة الفنزويلية، في نهاية الأمر.

كان هذا استفزاز أجيد الإعداد له وكان له عدة مظاهر على شكل إضرابات بدعوة من نفس هذه المجموعة من القوى المعادية للثورة، منذ شهر كانون الأول/ديسمبر؛ فخلال أشهر كانون الأول/ديسمبر وكانون الثاني/يناير وشباط/فبراير أخذت تسجَّل إضرابات دعت إليها هذه القيادة من أجل مواجهة التجربة البوليفارية، وهي تحركات شهدت التعبير النهائي عنها، إذا صح هذا التعبير، خلال الأيام الثلاثة الأخيرة، وخاصة يوم أمس، في ما تحوّل إلى استفزاز أجيد صنعه أدى إلى انقلاب.

عن الاستفزاز وما كشف عنه الرئيس شافيز عصر يوم أمس، في بث تلفزيوني مشترك بين كل المحطات إلى كل البلاد، يحدثنا الرفيق روخيليو بولانكو.

روخيليو بولانكو: عصر يوم أمس، في الساعة 3:45، دعا الرئيس شافيز الشبكات التلفزيونية لتبث بشكل مشترك ومباشر خطابه الموجه للأمة، من أجل شرح الوضع الذي تعيشه البلاد. في تلك اللحظة، كشف الرئيس شافيز بوضوح كبير، وعلى نحو توكيدي، المؤامرة العلنية والوقحة التي يجري تنفيذها من أجل تحريض قطاعات من المواطنين على ممارسة العنف وكذلك من أجل تحقيق أهداف المتآمرين بخلق وضع من الاضطراب في البلاد. وكشف الرئيس شافيز في تلك اللحظة عينها مشاركة وسائل الإعلام في ما أسماه تمرّد وسيلي، خاصّاً بالذكر الوسائل الإعلامية التي كانت تدعو المتظاهرين للزحف باتجاه قصر الحكومة، باتجاه قصر ميرافلوريس، بدئاً من المُضربين الذين كانت قد تمت دعوتهم، كما ذكرنا، من قبل قيادة قطاع رجال الأعمال واتحاد النقابات العمالية غير المشروع، من أجل الوصول إلى عقر القصر الحكومي.

شافيز نفسه قال في تلك اللحظة بأن هذه المحطات التلفزيونية تقوم ببث شائعات وأكاذيب، بما فيها الأكذوبة القائلة بأنه يتواجد رهن الاعتقال. وفي المداخلة نفسها، التي أجراها شافيز في ساعات العصر، اضطر لذكر الساعة التي يُجري فيها مداخلته، وأن يذكر بأنه يتم نقلها مباشرة لأن من بين الشائعات التي انتشرت يأتي أنها مداخلة مسجًّلة وليس أنها تجري في تلك اللحظة.

خلال هذا البث، توقفت بعض المحطات التلفزيونية عن نقل صورة شافيز وبدأت بتقسيم الشاشة ونقل أعمال شغب، وهي أعمال الاستفزاز الخطيرة التي كانت تقع قبالة القصر الحكومي أو في جواره.

وكان في تلك اللحظة أيضاً أن أعلن شافيز نفسه عن إغلاق ثلاث قنوات تلفزيونية من التي شجعت على أعمال العنف هذه إلى أجل غير مسمى: "راديو كركاس تلفزيون"، "فينيفيسيون"، و"RTM".

الحقيقة أن هذه القوى التي تمت دعوتها للزحف باتجاه القصر كان يرافقها بعض رجال الشرطة بلباس مدني، ينتمون إلى شرطة العاصمة تحت أمرة رئاسة البلدية العليا لكركاس، ويرأسها ألفريدو بينيا، وهو معارض شديد لشافيز.

راندي ألونسو: خان الثورة البوليفارية.

روخيليو بولانكو: خان الثورة البوليفارية، وهو أحد المعادين للثورة النشيطين في عدائهم للتجربة البوليفارية. وذكرت أوساط كثيرة، وليس من الوسائل التلفزيونية الفنزويلية، وإنما مسؤولون آخرون من حكومة شافيز، ممن أخذوا يدلون بتصريحات لمصادر بديلة، بل ولدي هنا بعض المصادر في صحيفة "لا خورنادا" (La Jornada)، ذكرت بأنه "في تلك اللحظة كان يرابط على مسافة 200 متر فقط من القصر الرئاسي بعض القناصة التابعين لشرطة العاصمة هذه، والذين بدأوا إطلاق النار على مظاهرة مؤيِّدة لشافيز". إنني أقرأ هذه المقالة المنشورة في عدد اليوم من صحيفة "لا خورنادا"، التي تتحدث أيضاً عن أن "خوان فيسينتي غوميز، من الشبكة البوليفارية، قد صرّح لصحيفة ‘لا خورنادا‘ بأن رجال الشرطة التابعين لرئاسة البلدية العليا لكركاس، التي يرأسها المعارض ألفريدو بينيا، قد تحركوا ضد أنصار شافيز، وأن القناصة تابعين للمجموعات المتآمرة".

"وقالت مصادر حكومية من ميرافلوريس بأن مجموعة من رجال الشرطة يرتدون لباساً مدنية قد مثلوا لتسليم أسلحتهم وكشفوا بأنهم قد أُرغموا على إطلاق النار على مدنيين".

ويجري الحديث أيضاً عن مجموعة يسارية متطرفة دعتها قيادة قطاع رجال الأعمال وأن بعضهم قد استفزّ عناصر الحرس الوطني الذين كانوا يحمون أنحاء القصر الحكومي.

أي أنه اعتباراً من ذلك حصل تبادل للأعيرة النارية أدى إلى مقتل أكثر من عشرة أشخاص؛ وهناك بعض الأوساط التي تتحدث عن 15، وعن أكثر من 100 جريح، وذكرت بعض المصادر أيضاً بأن عدد الجرحى يصل إلى نحو 300. إنها حالات الموت المؤسفة، ولكن المتلاعِبين والانقلابيين كانوا بحاجة إليها كذريعة للقيام بالانقلاب؛ إنها أيضاً حالات الموت التي احتاجوها من أجل التلاعب بالوضع الذي كان سائداً والتسبب لاحقاً بالأحداث التي جاءت فيما بعد.

أعتقد أنه كان واضحاً ما كشف عنه شافيز في ساعات العصر، ولكن للأسف كانت هناك مؤامرة كاملة لمنع معرفة حقيقة ما يجري في البلاد في تلك اللحظة.

راندي ألونسو: بالفعل، تتحدث صحيفة "لا خورنادا" اليوم، في أحد مقالاتها الهامة للصحافية إستيلا كالوني، المعروفة جداً في قارتنا، عن انقلاب على طراز بينوشيه، وتقول أن "مصدراً من ‘حركة الجمهورية الخامسة‘ أكد ل‍ِ ‘لا خورنادا‘ بأن ما حدث هو أن بعض قطاعات شرطة العاصمة –شرطة رئيس البلدية ألفريدو بينيا- أطلقت النار على الحرس الرئاسي، الذي كان الرئيس قد وجّه إليه الأوامر بالبقاء في المنطقة من أجل حماية أنصاره ومنع المواجهة.

وذكر أن من بين القتلى العشرة هناك ستة من أنصار شافيز والأغلبية الساحقة من الجرحى هم أيضاً من المتظاهرين المؤيدين للحكومة.

وقال المصدر نفسه بأنه انقلاب تقف وراءه الولايات المتحدة وجماعة كارلوس أندريس بيريز وبنيته العسكرية القديمة، المسؤولة عن ‘ضربة كركاس‘ (كرَكازو) [Caracazo]، ورئيس بلدية كركاس ألفريدو بينيا، الذي تتبع شرطة العاصمة أوامره، وكذلك قطاعات أخرى أجرت زيارات للولايات المتحدة، أمثال ألبيرتو فرانكيتشي، المسؤول عن اغتيال ألبيرتو لوبيرا وغيره من ضحايا أعوام الستينات".

وتواصل "لا خورنادا" قولها أنه "استنادً إلى مصدر ‘الجمهورية الخامسة‘ فقد جرت محاولة القيام بانقلاب عسكري مشابه لانقلاب بينوشيه في شيلي، الذي أطاح بسلفادور أليندي عام 1973، وهو ما يظهره إلحاق الشلل ببعض القطاعات الاقتصادية وحشد قطاعات عامة في الشارع والتغطية الإعلامية الواسعة عبر الوسائل الصحفية".

وحسبما علّقت بعض وكالات الأنباء فإن الأحداث نفسها حملت المفتش العام للقوات المسلحة، الجنرال لوكاس رينكون روميرو، إلى الإدلاء بتصريحات في الساعة 3:15 من فجر هذا الجمعة يعلن فيها بأن "أعضاء القيادة العسكرية العليا يشجبون الأحداث المؤسفة التي وقعت هذا الخميس في العاصمة، وأمام هذه الأحداث تم طلب استقالة رئيس الجمهورية، وقد وافق على هذا الطلب"، هذا ما قاله في تلك اللحظة الجنرال لوكاس رينكون روميرو في مؤتمر صحفي.

وكان رينكون نفسه قد ذكر لوسائل الاتصال عصراً بأن القوات المسلحة الفنزويلية تدعم النظام الدستوري، وأنها تقف ضد العنف الذي يستهدف النظام الدستوري وأن القوات المسلحة تدعم الحكومة المنتخبة دستورياً؛ غير أنه في الساعة 3:15 صباحاً كان الجنرال لوكاس رينكون روميرو نفسه من أدلى بهذه التصريحات، وقال أنه "اعتباراً من هذه اللحظات توضع مناصبنا تحت أمرة نظام الحكم، هذا ما أضافه المفتش العام للقوات المسلحة في قلعة تيونا، وهي الحصن العسكري الرئيسي في كركاس".

جنرال القوات المسلحة الفنزويلية هذا كان يؤكد موافقة الرئيس شافيز على الاستقالة.

وأوردت وسائل اتصال أخرى أنباء قالت فيها بأن الرئيس الفنزويلي، هوغو شافيز، يتعرض للاعتقال في قلعة تيونا، الحصن العسكري الرئيسي في كركاس، التي دخلها في الساعة 4:07 بالتوقيت المحلي، حسبما ذكر القائد العام للجيش، إفراين فاسكيز.

"وقال الجنرال للصحفيين بأن ‘شافيز سيمكث لحظياً في قلعة تيونا، جنوب العاصمة، تحت حراسة عسكرية إلى حين العثور إلى مكان احتجاز ملائم‘. ثم أشار إلى أنه يمكن أن يتم نقل شافيز في الأيام المقبلة إلى سجن رامو فيردي العسكري، في مدينة لوس تيكيس، على مسافة 25 كيلومتراً جنوب كركاس".

واستناداً إلى برقية لوكالة الصحافة الفرنسية فإن الحاكم الفنزويلي السابق قد غادر قصر ميرافلوريس مقر الحكومة، في الساعة 3:50 بالتوقيت المحلي، أي 3:50 فجراً، بحراسة الجيش الفنزويلي باتجاه قلعة تيونا، التي وصل إليها بعد ذلك بسبع عشرة دقيقة. "بدا بالغ العبوس، بنظرة ثابتة إلى الأمام" وهو يرتدي زيه العسكري، حسبما ذكرت محطة "غلوبوفيسيون" (Globovision) التلفزيونية.

تشير آخر الأنباء إلى أن الرئيس شافيز يتواجد في قلعة تيونا العسكرية، مع أنه ما يزال معزولاً ولم تتوفر إمكانية لتلقي تأكيد عن الظروف التي يتواجد فيها الرئيس الفنزويلي الدستوري، الذي أطاحت به القوات العسكرية وهذا الانقلاب المعادي للثورة على حكومته الدستورية.

حيال الأنباء التي أخذت توردها وسائل الاتصال الفنزويلية وأمام ما تم القيام به من تشويه لحقيقة ما يجري في ذلك البلد، أجرينا في حوالي الساعة الحادية عشرة من صباح اليوم اتصالاً هاتفياً مع ابنة الرئيس هوغو شافيز، ماريّا غابرجيلا شافيز، كشفت خلاله عن مسائل أود إعادتها في طاولتنا المستديرة لهذا المساء.

راندي ألونسو: معنا على الخط ماريا غابرجيلا شافيز، ابنة الرئيس الدستوري لجمهورية فنزويلا البوليفارية، هوغو شافيز فريّاس، الذي أطاحت به القوى المعادية للثورة في الساعات الأخيرة في هذا البلد. لقد تابع الشعب الكوبي بألم هذه الأنباء الواردة من فنزويلا؛ وتابعنا ما تقوله وسائل الاتصال الفنزويلية، التي كان لها ضلعاً مباشراً في هذه المؤامرة على النظام الدستوري الفنزويلي وضد الرئيس هوغو شافيز والثورية البوليفارية؛ وقد أخذت وسائل الاتصال الفنزويلية بنشر النبأ الذي يتحدث عن استقالة الرئيس شافيز.

تتاح لنا فرصة الحديث مع ماريا غابرجيلا شافيز، ابنة الرئيس شافيز. أتوجه إليه بتحية الشعب الكوبي أجمع، وبودي، يا ماريا غابرجيلا، أن تحكي لنا حقيقة الأحداث الخطيرة التي وقعت في الساعات الأخيرة في بلدكم.

ماريا غابرجيلا شافيز: أتوجه بالتحية أولاً إلى كل الشعب الكوبي.

تمكنّا قبل ساعتين من الآن من التحدث مع أبي، فقد اتصل بنا هاتفياً وطلب منا أن نتفضّل بإبلاغ العالم بأنه لم يستقل في أي لحظة من اللحظات؛ أنه لم يوقّع في أي لحظة من اللحظات مرسوماً رئاسياً يقيل عبره نائب الرئيس ديوسداد كابيجو، ولا أن هذا استقال؛ مجرّد أن بعض العسكريين اعتقلوه وحملوه إلى قلعة تيونا، إلى مقر القيادة العامة للجيش، وفي هذه اللحظة هو معتقل في فصيلة الشرطة العسكرية في قلعة تيونا؛ إنهم يُبقون عليه في عزلة تامة، لا يسمحوا له بالحديث إلا معنا، نحن أبنائه. طلب منا ن نبحث عن محامين، أن نتكلم مع الأصدقاء، مع الأقارب، من أجل احترام حقوقه ولكي نتمكن من رؤيته، لأنه لم يكن يدري عملياً متى نستطيع أن نتكلم من جديد.

راندي ألونسو: تقولين بأن هذا كان قبل ساعتين تقريباً؟

ماريا غابرجيلا شافيز: ساعتين، في الساعة التاسعة ونيّف صباحاً.

راندي ألونسو: وبعد هذا الاتصال، ألم تتمكنوا من الحصول على مزيد من الأنباء؟

ماريا غابرجيلا شافيز: لا. أنا سألته: "أبي، متى نستطيع التحدث معك؟" فقال لي: "لا، يا حبيبتي، عليكم أنتم الآن أن تساعدوني، عليكم ن تبحثوا عن محامين، عليكم أن تمارسوا ضغطاً وإبلاغ الجميع بأنني في السجن، بأنني رئيس مسجون" –هذا ما قاله لي حرفياً-، "وهو لم يستقل في أي لحظة".

وبعدما تكلمت مع أبي، اتصلت بنائب الرئيس ديوسدادو كابيجو، وبكل نواب "الجمهورية الخامسة"، وتكلمت أيضاً مع خوان بارّيتو، وهو نائب عن "الجمهورية الخامسة"؛ إنه مختبئ لأنهم يبحثون عنه أيضاً، ومع فريدي بيرنال. والمدير السابق ل‍ِ "DISIP" مخطوف؛ والمدعي العام للجمهورية معتقل أيضاً، ولم يقولوا ذلك في أي من وسائل الاتصال.

المهم هو أنه في الحقيقة لم يستقل أبداً؛ إنما هو مجرد انقلاب يريدون التغطية عليه بما يزعمون أنه استقالة.

راندي ألونسو: إن هذه الأنباء التي تذكرينها لنا هي هامة جداً بالنسبة إلينا، لأننا في الواقع نتابع وسائل الاتصال وليس هناك من نبأ واحد عن المكان الحقيقي لتواجد السلطات الفنزويلية، وقد تم نشر نبأ استقالة الرئيس شافيز بشكل واسع جداً.

أعتقد أنه نبأ هام جداً بالنسبة لشعبنا، إذا أردت أن تضيفي شيئاً، أي عناصر أخرى حول هذا الوضع.

ماريا غابرجيلا شافيز: طلب مني أيضاً أن أبلغ ذلك لكم وللعالم. ديوسدادو كابيجو قال لي بأن أطلب منكم المساعدة في الكشف عن ذلك أمام منظمة الدول الأمريكية وأمام مجموعة السبعة وسبعين وأمام كل الهيئات الدولية. ما يتم إحلاله في البلاد هو دكتاتورية يمينية متطرفة، ويريدون التغطية على ذلك بما يزعمون أنه استقالة. كل هذا كذب، إنهم يبحثون عن جميع المتعاطفين مع الحكومة من أجل اعتقالهم وجميعهم مختبئين.

راندي ألونسو: ماريا غابرجيلا، في خضم هذا الوضع العسير، بودّي أن أعرف كيف حال عائلتك، كيف حال أشقاؤك، وصغيرتك.

ماريا غابرجيلا شافيز: جميعنا نحن مختبئين عملياً؛ الآن نحن بخير، وعلى وجه أكبر من الطمأنينة، لقد هدّأنا من روعنا، ونحن معاً. يتواجد معي هنا شقيقي هوغو، وشقيقتي روسا، وابنتي معي أيضاً؛ لقد اطمأنّينا وعندنا إيمان بأن الأمور ستنتهي إلى حلّ، وعلينا أن نساعد أبي في كل هذا.

راندي ألونسو: بودّي أن أنقل لك باسم شعبنا مودة وإعجاب شعبنا بكم، بعائلتك، والتعبير لكم عن عزائنا لهذه الأحداث؛ ولكن كونوا على علمٍ أيضاً بأن لكم أخوة كثيرون هنا عند الشعب الكوبي، وبأننا إلى جانبكم في لحظات المحنة هذه التي تعيشها بلادكم وأن تعرفوا بأن شعبنا مستعد لمدّ يد العون في كل ما يحتاج إليه الأمر، وأن التلفزيون والإذاعة الكوبيين مفتوحين أيضاً للكشف عن الحقيقة، لمتابعة الأحداث، وسنحاول أن نكون على اتصال بكم كلما أمكن ذلك، من أجل متابعة الأحداث الخطيرة في بلدكم.

ماريا غابرجيلا شافيز: إن هذا هو هاتفي الخلوي، سأبقيه معي دائماً، وتستطيعون الاتصال في أي وقت كان، ولأي أمر كان؛ من الأسهل أن تتصل بي أنت، لأنه ليس لدي أنا وسيلة للاتصال بكم؛ ولأي شيء تريدون معرفته سأزودكم بكل ما يتوفر من معلومات. لا نواجه أي مشكلة. فمن أجل أبي نحن مستعدون لأي شيء. ونحن أيضاً نحبّكم كثيراً، كل الشعب الكوبي. شكراً لكم على هذا الدعم.

راندي ألونسو: كونوا على علم بأن لكم أخوة كثيرين هنا وسنكون معكم أيضاً في هذه المعركة من أجل الحقيقة.

ماريا غابرجيلا شافيز: شكراً جزيلاً، نعرف ذلك.

راندي ألونسو: الأنباء التي تصل عبر الوكالات تؤكد بأنه جرى كأمر واقع تنصيب الحكومة الفنزويلية الجديدة، برئاسة رئيس "فيديكاماراس"، وأنه بالإضافة لذلك أصدرت الحكومة الفنزويلية الانتقالية، حسب برقية لوكالة الصحافة الفرنسية، مرسوماً بإعادة تنظيم السلطات العامة. وفي سبيل ذلك أصدرت مرسوماً أيضاً بإقالة رئيس المحكمة القضائية العليا وجميع القضاة.

في كل أحداث الساعات الأخيرة هذه، وخاصة يوم أمس واليوم، هناك دور رئيسي لعبته بالذات المنظمة التي يتقدمها ما يسمى رئيس فنزويلا الحالي كأمر واقع، السيد كارمونا.

أعتقد أن دور القيادة الرجعية لقطاع رجال الأعمال الفنزويلي يستحق أيضاً التحليل على هذه الطاولة المستديرة. بوسع لازارو بارّيدو أن يتكلم عن هذا الموضوع.

لازارو بارّيدو: كما تعرف، في مراسم تولي كارمونا للمنصب اليوم تواجد كل إداريّي "فيديكاماراس". و"فيديكاماراس" هو اتحاد رجال الأعمال الأشد ارتباطاً بالشركات العابرة للحدود في فنزويلا؛ أي أنهم الأشخاص أصحاب أكبر المصالح وهم الذين اضطلعوا بكل الأزمة الدستورية التي كان على حكومة الرئيس هوغو شافيز مواجهتها.

كان جميع رجال الأعمال يصرخون "ديمقراطية" في الوقت الذي كان يجري فيه إعلان المرسوم القاضي بعزل نوّاب البرلمان، الذين تم انتخابهم في اقتراعات ديمقراطية؛ وبإلغاء الطابع البوليفاري للثورة، المتفق عليه في استفتاء شعبي؛ وبإقالة القضاة والرئيس ونائب رئيس الجمهورية والمدعي العام، أي كل تلك الشخصيات المنتخَبة ديمقراطياً في عمليةٍ ربما هي الأكثر ديمقراطية شهدتها أمريكا اللاتينية خلال السنوات الخمسين الأخيرة، لأنها كانت سلطات منتخبة مرتين، وعبر أعلى نسبة مشاركة في التصويت يتم تسجيلها، على الأقل خلال السنوات الخمسين الأخيرة. الرئيس شافيز خضع للعملية الانتخابية مرتين وأخضع دستور الجمهورية البوليفارية لعملية استفتاء شعبي. وكبار الديمقراطيين، الذين كانوا يتمتعون عبر هذا الدستور بكل الآليات اللازمة لمواجهة أي رئيس، جرّبوا انتقام الثورة المضادة، التعطّش للثأر، الذي بدأ الآن في الواقع، ووضعوا العنف حيز التنفيذ من أجل القضاء على الجمهورية البوليفارية.

"فيديكاماراس"، قطاع رجال الأعمال، اعترض بشكل دائم في الواقع على القرارات الرئيسية للثورة البوليفارية، ولكن كان في العام الماضي، بعدما منحت الجمعية الوطنية، البرلمان، للرئيس شافيز، وعبر قانون، الصلاحيات التي تخوّله لإعداد مجموعة من القوانين حكومياً، وعددها 49 مشروع قانون، تعالج قانون الإصلاح الزراعي، ومشكلات صيد الأسماك، وتتناول مشكلة النفط، وتنص على فرض ضرائب على الشركات النفطية العابرة للحدود في فنزويلا، إلى ما هنالك، بحيث تعالج الوضع الديمقراطي والاجتماعي لذلك البلد، وهو بلد بالغ الثراء، ورثته الثورة البوليفارية بنسبة تزيد عن الخمسة وثمانين من مواطنيه تحت مستوى الفقر، فكانت هذه القوانين تستهدف بالذات تطبيق سياسة عدالة اجتماعية، وهذا هو ما دفع إداريّي اتحاد قطاع رجال الأعمال هؤلاء، الأثرياء جداً في فنزويلا، برئاسة هذا السيد بيدرو كارمونا إستانغا، وهو رئيس شركة منتجات كيماوية –كان دبلوماسياً، وهو رجل يحب جداً الذهاب للتزلج في جبال الألب والتمتع بملذات الحياة، كرجل أعمال كبير، بعيد كل البعد، في الواقع، عن المصالح الشعبية-؛ رجال أعمال لم يتفوهوا بكلمة واحدة عندما وقعت "ضربة كركاس" (كركازو) [Caracazo]، ولا كذلك نبس ببنت شفه العسكريون، ولا أي قوة سياسية فنزويلية، عندما حدثت "ضربة كركاس"، حيث وقع أكثر من ألف قتيل؛ بينما قرر هؤلاء مواجهة الرئيس هوغو شافيز ودعوا لإضراب لرجال الأعمال في العاشر من كانون الأول/ديسمبر، وذلك للمرة الأولى في تاريخ فنزويلا.

لم يسبق أبداً، ولا حتى خلال دكتاتورية ماركوس بيريز خيمينيز، ودكتاتورية خوان فيسينتي غوميز، ولا حتى في بداية القرن العشرين، عندما اعتقلت حكومة سيبريانو كاسترو كبار أصحاب المصارف، لأنهم رفضوا منح قروض للحكومة، أن لجأ قطاع رجال الأعمال الفنزويلي إلى الإضراب؛ بينما تم ذلك الآن، في إطار كل المعارضة لهذه القوانين الثورية، أن جرت مواجهة القرارات ودعوة الناس للعنف، إلى اللجوء لوسائل إثارة الاضطراب، بدعم أجنبي، وهو ما تم الكشف عنه، بموافقة سلطات معينة، كحكومة الولايات المتحدة. وفيما بعد، حين يتم الحديث هنا عن العسكريين، يمكن التحقق من مشاركة السي آي إيه وغيرها من العناصر التي حرضت على التمرد على الرئيس هوغو شافيز.

كل هؤلاء تآمروا، وأُضيف إلى ذلك قرار الرئيس شافيز بفرض النظام في "بيتروليوس دي فنزويلا"، وهي الشركة النفطية الحكومية الفنزويلية، مصدر أهم الموارد المالية للبلاد، فالتحق بهم آنذاك جماعة "بيتروليوس دي فنزويلا"، الإدارة التي كان قد تم إقالتها بأمر من الرئيس شافيز، وقد تحالفوا مع أرستقراطية عمالية معينة، حليفة للثورة المضادة، تحالفوا مع "فيديكاماراس" ومع قطاعات أخرى ليشكلوا نظاماً متكاملاً للإضرابات سعى لإثارة الاضطراب في فنزويلا خلال هذه الأيام، وعاد يوم أمس بالمظاهرة التي كما رأينا، وقال بولانكو، كان الرئيس شافيز قد نبه تلفزيونياً بأنه يمكن لهذه المظاهرة أن تخلق مشكلة اجتماعية، مشكلة صدام مع القوات البوليفارية، التي كانت تتواجد منذ أيام قبالة قصر ميرافلوريس؛ ومع ذلك، ورغم كل شيء، حث هذا السيد نفسه، بيدرو كارمونا، المظاهرة على الزحف إلى ميرافلوريس، وحرّض على العنف، وهو ما تسبب بأحداث يوم أمس.

راندي ألونسو: كارمونا، الذي أعلن نفسه اليوم رائيساً لفنزويلا كأمر واقع.

لازارو بارّيدو: كارمونا ومعه كل الانقلابيين.

راندي ألونسو: والذي يقول بأنه سيمكث في السلطة 365 يوماً. سنرى ماذا سيحدث. فبالإضافة لذلك، إنه الوجه المكشوف لكل هذه المؤامرة المعادية للثورة ضد الرئيس هوغو شافيز.

شاهدنا اليوم وسائل الاتصال التي لعبت دوراً هائلاً، كما ذكرت، في كل هذه المؤامرة ضد الثورة البوليفارية، وقالت إحدى القنوات التلفزيونية: "سوف ننتقل لمشاهدة رد فعل الشعب على ما حدث يوم أمس". لم يكن هذا الشعب غير كبار رجال أعمال "بيتروليوس دي فنزويلا" الذين كانوا مجتمعين يحتفلون بالأحداث. هذا هو الشعب الذي يخصهم بالذكر رجال الأعمال الكبار هؤلاء، هؤلاء الانقلابيين الذين تسببوا يوم أمس بسقوط حكومة انتخبها الشعب الفنزويلي ديمقراطياً.

بعد الساعة الثالثة عصراً بقليل، تمكنّا من الاتصال أيضاً بسعادة السيد خوليو مونتيس، سفير جمهورية فنزويلا البوليفارية في بلدنا، الذي كان يتواجد في تلك اللحظة في كركاس، كان في فنزويلا، وأمضى كل ليلة أمس إلى جانب الرئيس هوغو شافيز، في قصر ميرافلوريس، وحصلنا من خوليو مونتيس على التصريحات التالية:

راندي ألونسو: نجري اتصالاً لطاولتنا المستديرة مع سفير جمهورية فنزويلا البوليفارية في كوبا، سعادة السيد خوليو مونتيس، الذي يتواجد في هذه اللحظات في كركاس، يتابع أيضاً الأحداث الخطيرة التي تشهدها فنزويلا.

لك التحية، خوليو، باسم الشعب الكوبي.

خوليو مونتيس: كيف حالك، أخ راندي. تحياتي للشعب الكوبي. ها نحن هنا، تضامنيين كالعادة، في ذات الوطن، وذات المشروع، نتابع المعركة.

راندي ألونسو: خوليو، يتابع شعبنا منذ الليلة الماضية الأحداث الخطيرة التي تشهدها فنزويلا. نعرف أنه في الساعات الأخيرة من يوم أمس كنتم ترافقون الرئيس شافيز في قصر ميرافلوريس، في الساعات الأخيرة من هذه الأحداث الخطيرة التي شهدتها فنزويلا، وبودنا أن تشرح لشعبنا ما هي الأحداث التي وقعت والتي أدت إلى الإطاحة بحكومة الرئيس شافيز.

خوليو مونتيس: ما حدث يوم أمس هو آلة هدامة في مونتاج انقلاب. منذ الاستفزاز الذي عناه إرسال مظاهرة كان يتم القيام بها إلى ميرافلوريس، علماً أنه كان يحتشد هناك كل الشعب الذي يدعم تجربة الرئيس شافيز؛ وهذا، إلى جانب جعل القصر بلا حراسة، هو ما أحدث المواجهة وحالات القتل التي وقعت، وكل ذلك من تنفيذ المعادين، الذين استولوا على الحكومة في فنزويلا. كان مونتاجاً أمثل من أدبيات القيام بالانقلاب، التحكم بوسائل الاتصال، التي قادت الشعب إلى الشعور بأنه لم تكن هناك قدرة على الحكم. وقعت هذه الأحداث حيث أخذت بالانتقال من صف إلى آخر، خلال ساعات العصر، كل طبقات القوات المسلحة، بل على الأصح الجنرالات، وليس طبقات القوات المسلحة؛ فقد أخذ الجنرالات بالخيانة واحداً بعد الآخر، حتى لم يبقَ إلا الكوماندان شافير وحده، بدون دعم من هم عليه جنرالات القوات المسلحة الفنزويلية.

تواجدنا في القصر حتى الساعة الأخيرة، حيث كانت تجري مطالبة الرئيس بالاستقالة أو الموت. كنا نتواجد هناك مجموعة من الرفاق حتى النهاية، حيث فضّل الرئيس تسليم نفسه، أن يسجَن. اعتُقل في القصر، لم يستقِل الرئيس، ووقع ما هو انقلاب. الحكومة التي قامت هي حكومة أمر واقع، خارجة عن الدستور، وقد بدأت اليوم عملية ثأر عملياً، فانتُهكت الحصانة البرلمانية، وهناك عدة برلمانيين تمت مداهمة منازلهم.

المسؤولون في حكومة الرئيس شافيز يتعرضون للملاحقة، وهناك لائحة: لقد اعتقلوا وزير الداخلية، وهم يبحثون عن البروفيسور أريستوبولو إستوريس، وزير التعليم؛ وعن ماريا كريستينا إغليسياس؛ ويقومون بمداهمة المؤسسات ودس أسلحة، من أجل تبرير عمليات اعتقال مستقبلية. هذا هو الوضع اليوم.

إنهم يضايقون سفارة كوبا، وذلك عبر سماحهم لفلول بأن تحاول مهاجمة السفارة الكوبية مع حالة الهستيريا التي نشأت؛ هذا هو الوضع الذي نعيشه في هذه اللحظة. آه! الرفاق طبعاً سيدافعون عنها حتى النهاية، ولكن بدون استجابة ولا دعم من المؤسسات الفنزويلية اليوم. هذا هو وضع اليوم بإيجاز.

بدأ الناس يخرجون إلى الشارع. الساعة الآن 3:21، ونتواجد في مكان من كركاس، وبدأ الناس يخرجون إلى الشارع دعماً للرئيس شافيز. هذا هو باختصار وضع اليوم.

راندي ألونسو: علمنا أيضاً بأن بعض الحكام الموالين للرئيس شافيز قد أدلوا بتصريحات؛ وكذلك عدة وزراء، بمن فيهم المدعي العام.

خوليو مونتيس: نعم، أدلى حكام كل من تاشيرا، رونالد بلانكو؛ وميريدا، بورّاس؛ وبورتوغيسا، لا نيغرا أنتونيا؛ ولارا، رجيس ريجيس، بتصريحات نوهوا فيها إلى عدم اعترافهم بحكومة الأمر الواقع هذه وأنهم هم يشكلون الحكومة الدستورية، الحكومة المنتخبة؛ بأنهم يعترفون بالرئيس شافيز كرئيس لهم، لأنه الرئيس الذي انتخبه الشعب في أقصى شرعية يشهدها تاريخ فنزويلا الجمهوري كله، فسبع انتخابات أيدته. حسناً، هذا هو ما يحدث.

والمدعي العام للجمهورية تمكن أيضاً من الظهور عبر التلفزيون، وذلك في لحظة أعطوه فيها هذه الفرصة، وأعلن للبلاد بأن الرئيس لم يستقِل، وأنه معتقلاً، وأن ما حدث هو انقلاب وأنه قد تم قطع حبل الدستور، وما ينص عليه الدستور لهذه الحالات. فليس نائب الرئيس من عليه أن يترأس، إنه الرئيس، ولا كذلك الجمعية الوطنية؛ وبالتالي فإننا أمام حكومة أمر واقع، حكومة نشأت عن حركة يوم أمس، أي الانقلاب العسكري ليوم أمس.

راندي ألونسو: أتوجه إليك بالشكر، يا خوليو، باسم الشعب الكوبي على هذه المعلومات. أعتقد أنها عناصر هامة أيضاً نقوم بتقديمها وسط ما يمكن القول بأنه عدوان وسيلي تعرضت له حكومة الرئيس شافيز وهو جزء من تلك المؤامرة من أجل القيام بالانقلاب. وأعتقد أن جميع هذه المعلومات…

خوليو مونتيس: راندي، أعتقد بأن النضال مستمر أيضاً. شافيز هو رمز للمستقبل، رمز لما هو عليه أمل العالم، وسوف يتعزز كرمز. ها قد بدأ الناس يطالبون بإطلاق سراح شافيز، إنه الشعار الذي بدأ يلف في فنزويلا. وأقول لك أيضاً بأن هذا هو درس كبير؛ هذا هو درس كبير أيضاً للشعوب، ما هي عليه قدرة الوسائل، والذين يضعون أيديهم على امتياز السلطة، وبالإضافة لذلك، كيفية تحرك الإمبراطورية في خضم هذا الوضع.

إن الرئيس شافيز يتمتع بأوسع دعم من جانب المواطنين الفنزويليين، وهذا ما تثبته أعمال يوم أمس، والمظاهرات التي قامت خلال كل هذه الأشهر؛ غير أنه في سبيل السيطرة على الوسائل وفي سبيل التأثير على رأي بعض قطاعات البلاد، وعبر تأثيرهم على القوات المسلحة، يقضون على أمل هذا الشعب وأمل القارة؛ وهذا لمجرّد فترة، لأن القوى موجودة، القوى موجودة، ومن المؤكد أن الأمل سيينع من جديد.

راندي ألونسو: حسناً، خوليو، بودي أن أنقل لكم أيضاً تضامن الشعب الكوبي، ودعم الشعب الكوبي لشافيز، ولكم ولكل الرفاق الذين وقفوا على رأس الثورة البوليفارية خلال هذه السنوات، وأن تعرفوا بأن الشعب الكوبي متضامن معكم ويساندكم. أنتم تعرفون بأننا أخوة في هذه المعركة من أجل الأمل، تماماً كما ذكرتم أنتم.

محطاتنا الإذاعية والتلفزيونية ستواصل متابعتها للأحداث والكشف عن هذه المؤامرة المعادية للثورة.

خوليو مونتيس: لا يراودنا شك في ذلك، لأنني، أنا الذي أعيش وسط الشعب الكوبي، أعرف أننا ذات الناس، ذات الشعب، ذات الوطن. ولهذا نحن معاً في هذا العهد من أجل الحياة.

راندي ألونسو: أؤكد لكم مجدداً بأن محطاتنا التلفزيونية والإذاعية ووسائل الاتصال الكوبية مفتوحة أيضاً أمام أي معلومة، أمام أي إمكانية للاتصال بكم وأننا سنواصل الكشف عن هذه المؤامرة على الحكومة المنتخبة دستورياً. سنتابع جميع الأنباء عن كثب.

راندي ألونسو: كانت هذه المحادثة التي أجريناها بعد الساعة الثالثة عصراً مع سفير جمهورية فنزويلا البوليفارية في بلدنا، السيد خوليو مونتيس، والذي قدم لنا عناصر هامة أيضاً مما يجري، ليس فقط عن محاولة سحق قصر ميرافلوريس والرئيس شافيز وكل المتعاونين المقربين الذين كانوا معه بواسطة الدبابات ليلة أمس، وإنما أيضاً عن عملية الانتقام التي بدأت في فنزويلا خلال الساعات الأخيرة، والتي تُذكّر بالانقلاب على الدستور عام 1973 ضد الرئيس أليندي، حين تم إخراج كثيرين من وزراء الرئيس أليندي من منازلهم، مع عائلاتهم أيضاً، وجرّهم على يد الفلول التي قادها بينوشيه. شيء مشابه يحدث الآن في فنزويلا: وزراء وأعضاء في الجمعية الوطنية وشخصيات هامة من الحكومة الفنزويلية يتعرضون للملاحقة والسجن، وتتعرض بيوتهم للمداهمة.

تقول برقية لوكالة الأنباء "برنسا لاتينا" بأن وسائل الإعلام الحكومية الفنزويلية الثلاث ما تزال محتلة من قبل عناصر من الحرس الوطني والشرطة. قناة "فينيزولانا دي تيليفيزيون" (Venezolana de Television) لا تبث برامجها منذ يومين، وقد مُنع موظفوها من دخول المنشآت، التي تقوم الشرطة بحراستها. ولا وكالة الأنباء "فينبريس" (VENPRES) توزع برقياتها أيضاً وتكفّلت قوات من الحرس الوطني أمر السيطرة على مكاتبها. شيء مشابه يحدث لإذاعة "راديو ناسيونال دي فينيزويلا" (Radio Nacional de Venezuela) التي لا تبث إلا الموسيقى، دون أن تقدم برامجها المعتادة، ويتواجد عسكريون أيضاً في داخلها.

وكان هناك دور بارز أيضاً في كل هذه المؤامرة المعادية للثورة للأرستقراطية العمالية، المنتمية إلى اتحاد النقابات العمالية غير الشرعي، الذي شارك إلى جانب اتحاد "فيديكاماراس"، التابع للإدارة التي قامت بالانقلاب المعادي للثورة، وغيرها من القوى الانقلابية، بل والذي شجع انطلاقاً من الخارج هذه الأحداث الخطيرة التي وقعت يوم أمس في فنزويلا.

عن هذا تحدثنا خوانا كارّاسكو.

خوانا كارّاسكو: الحقيقة أن دوراً رئيسياً في هذا الانقلاب لعبه رئيس اتحاد النقابات العمالية الفنزويلي، كارلوس أورتيغا. هذا الشخص تواطأ على نحو فريد من نوعه بالنسبة لقائد نقابي، ذلك أنه في جميع المواجهات والإضرابات والاستفزازات والاعتداءات، وفي كل واحد منها- رافق رجال الأعمال الذين تولوا الآن السلطة من خلال رئيس "فيديكاماراس".

أودّ أن أذكر أنه في أول مداخلة أجراها كارلوس أورتيغا أمام الصحافة بعد هذا الانقلاب، دعا إلى حل الجمعية الوطنية ولا أقل من ذلك؛ أي أنه يدعو بالذات إلى هذه الملاحقة بحق الذين انتخبهم الشعب الفنزويلي شرعياً في الانتخابات.

راندي ألونسو: وهي دعوة يمكن القول، ما دمنا في الحديث، بأنه قد تم تنفيذها. فسلطات الأمر الواقع الجديدة التي فُرضت في فنزويلا قالت بأنها ستلغي جميع السلطات الوطنية وستشكل سلطات جديدة تقام كأمر واقع في البلاد، بما فيها الجمعية الوطنية.

خوانا كارّاسكو: بما فيها الجمعية الوطنية، وهذا ما شرعت بفعله. ولكنه، بالإضافة لذلك، أعلن رسمياً بأن الإضراب العام المفتوح قد انتهى.

والآن، عن أي اتحاد نقابات عمالية نتكلم نحن هنا؟ إن اتحاد النقابات العمالية الفنزويلي هو منظمة مؤثرة تقليدياً على الصعيدين السياسي والاقتصادي في فنزويلا؛ غير أن قادته، منذ تأسيسه قبل ستين سنة، لم يكونوا غير القادة الذين يتم تعيينهم عبر تسويات تتبلور بين قيادة اثنين من أكبر الأحزاب الفنزويلية، وهما (AD) و(COPEI). أي أن كارلوس أورتيغا هو من حزب (AD)، وهذا أول شيء وأهم شيء بالنسبة له، أول ما يستجيب إليه، إنه من جماعة كارلوس أندريس بيريز.

هذا الشخص، الذي لم يُبدِ من الاهتمام إلا القليل جداً على رأس الاتحاد النقابي، لأنه هو من كان يقود الاتحاد النقابي قبل الانتخابات الأخيرة، والتي سنتحدث عنها أيضاً، أبدى من الاهتمام القليل جداً إزاء نسبة البطالة المرتفعة التي كانت موجودة في البلاد، على سبيل المثال، وإزاء الاستغلال الهائل للشعب الفنزويلي، وإزاء حالة البؤس التي عاناها هذا الشعب على مدى سنوات؛ ولكن هذا لم يكن محل اهتمام. لماذا؟ لأن هذا الرجل هو رجل مثّل الأرستقراطية العمالية الفنزويلية، أرستقراطية الشغيلة. جاء هو بالذات من صفوف القيادة النقابية ل‍ِ "بيتروليوس دي فنزويلا" وتولى الرئاسة لأن حزب (AD) وضعه في هذا المنصب. وسمح له ذلك بأن يترشح لما تم وصفه للمرة الأولى بانتخابات غير معهودة أبداً في كل التاريخ الفنزويلي، وهو عندما تمت الدعوة لانتخابات لاختيار القادة النقابيين.

ما الذي فعلوه عندما رأوا بأن ما اعتادوا على فعله في السابق سيفلت من أيديهم؟ حشدوا كل القوة، كل السلطة، وكل المال الاقتصادي؛ بل وبالإضافة لذلك سرقوا صناديق اقتراع، وأحرقوا نقاط اقتراع، وذلك في عملية جرى تنفيذها في شهر تشرين الأول/أكتوبر من العام الماضي، مما حال دون التمكن من إحصاء إلا أربعين بالمائة بالكاد من الأصوات التي أدلى بها المليون عامل فنزويلي. لقد مارس ببساطة جميع أشكال العنف التي نرى بأنه يجري ممارستها الآن أيضاً مع هذا الانقلاب.

بل وأنه في ثلاث ولايات من فنزويلا، زوليا وأنزواتيغي ودِلتا أماكورو، لم يتم التمكن من إجراء الانتخابات النقابية، كان هناك تفاعلاً مع العمال لكي لا يصوتوا لصالح ممثلي الحركة البوليفارية، الذين كانوا يمثلون فعلاً جماهير العمال في ذلك البلد. وهكذا "فاز" بتلك الانتخابات، واعتباراً من ذلك، بل وقبله، حفّز كل ما وقع من نزاعات العمل، هذا إضافةً إلى الإضرابات التي تم ذكرها هنا. بل وأنه في شهر آذار/مارس يبدو لي بأنه قام، إلى جانب "فيديكاماراس" بأمر أساسي، وهو "معاهدة القدرة على الحكم" أو الأسس لاتفاق ديمقراطي، حيث صرّح كارلوس أورتيغا بأن ما تجري محاولته هو إخراج السيد شافيز السريع من العهد الأول؛ أي أنهم أخذوا منذ شهر آذار/مارس بالإعلان عن هذا الانقلاب الذي وقع الآن.

قبل الانتقال إلى موضوع آخر، أتساءل بالنسبة لأورتيغا: ماذا سيفعل الآن؟، فهو كان يقول بأن القائد النقابي يجب أن يكون معارضاً للحكومة. هل سيعارض صديقه وشريكه بيدرو كارمونا؟ طبعاً لا.

ولكن هناك شخصية أخرى كان يتحرك من الخارج، كان يتحرك انطلاقاً من جمهورية الدومينيكان، حيث يقيم؛ وكان يتحرك انطلاقاً من ميامي، حيث له مقر إقامة أيضاً، وآخر التصريحات أدلى بها من نيويورك ويقول بأنه سيعود إلى فنزويلا، وأقصد الرئيس الأسبق كارلوس أندريس بيريز.

ما الذي يسعى إليه كارلوس أندريس بيريز؟ يقول هو بأنه يشعر بالارتياح الكبير لتواجد معاون كبير له، بيدرو كارمونا، على رأس البلاد الآن. وصفه بأنه رجل أعمال مؤهّل، واقتصادي محترف، ميّال إلى الديمقراطية، يقول بأن عنده هذا الميل.

من الذي يتحدث عن ميل للديمقراطية؟ من الذي يصف شافيز بأنه دكتاتور؟ إنما يقول ذلك كارلوس أندريس بيريز الذي أمر بقمع وقتل عدة آلاف من الفنزويليين خلال "ضربة كركاس"، عندما نزل سكان حي "إل‍ سيرّيتو" ليطلبوا طعاماً ويطلبوا عملاً لا يتوفر لهم، وبكل بساطة أغرق الشعب الفنزويلي في حمام دماء؛ أو الذي نهب خزينة الدولة، فهو كان يخضع الآن لمحاكمة قضائية بسبب أعمال اختلاس قام بها خلال عهدي حكمه، بل وأنه كان مطلوباً للإنتربول.

وماذا يقول؟ يقول: "إنني عاكف على التحضير لعودتي إلى فنزويلا، ولكن على هامش أي مصلحة شخصية، إنما أريد فقط أن أساهم بتجاربي السياسية". هذا ما كانت عليه تجاربه السياسية، "ضربة كركاس" والثلاثة آلاف قتيل من أبناء إل‍ سيرّيتو في كركاس ونهْب خزينة البلاد.

راندي ألونسو: إنه جزء من كل عملية تسوية الخلاف هذه، أولئك الذين هم بعض من أعضاء هذه الزعامة المعادية للثورة، التي قامت بالانقلاب الذي أطاح بالرئيس هوغو شافيز فجر اليوم، انقلاب عسكري، انقلاب على النظام الدستوري الفنزويلي، والذي أدى أيضاً إلى ملاحقة الوزراء وشخصيات هامة في البلاد.

بعد الساعة الخامسة عصراً أتيحت لنا الفرصة للاتصال بوزير تعليم الرئيس هوغو شافيز، أريستوبولو إستوريس، وهو أحد الشخصيات التي تم ذكرها من أجل اعتقاله، ويبحث عنه الانقلابيون، وتعرض عملياً للإهانة من قبل وسائل الاتصال الفنزويلية.

أقترح عليكم الاستماع إلى التصريحات التي أدلى لنا بها وزير التعليم الفنزويلي.

راندي ألونسو: نحن على اتصال مع فنزويلا مجدداً. معنا على الخط السيد أريستوبولو إستوريس، وزير تعليم حكومة الرئيس شافيز، الذي أطاحت به القوى المعادية للثورة.

بودنا، حضرة الوزير، أن نحييكم باسم الشعب الكوبي وأن نطلب رأيكم حول ما يحدث في هذه اللحظة في فنزويلا، آخر الأحداث والإطاحة بالرئيس شافيز.

أريستوبولو إستوريس: كنت مع الرئيس شافيز حتى الساعة… في قصر ميرافلوريس وأؤكد لك بأن الرئيس لم يستقِل أبداً. قال الرئيس لهم بأنه يحمّلهم المسؤولية وأن يتحملوا مسؤولية ما يعنيه انقلاب، وأن حكومتهم ستكون حكومة أمر واقع، ستكون حكومة دكتاتورية، ستكون حكومة منافية للدستور البوليفاري. وعلى هذا الصعيد، يذهب هو معتقلاً ولكنه لن يوقّع لهم استقالته أبداً، لأنه إذا ما وقّع الاستقالة لا يعود هذا انقلاباً. الرئيس شافيز لم يوقّع لهم الاستقالة أبداً.

حاولوا هم أن يخلقوا حالة من الرأي بأن الرئيس شافيز قد استقال. لقد أعطوا الرئيس وقتاً، مهلة؛ وإذا لم يسلم الرئيس نفسه خلال هذه المهلة فإنهم سيهاجمون القصر في تلك اللحظة، ونحن بحثنا ذلك مع الرئيس، الذي قال لنا: "كفى إراقة دماء، وأن نواصل نحن النضال وأنه من الأفضل المحافظة على سلامة كوادر كثيرين لنا، إلى آخره، وأنه ليس ضرورياً التضحية بهم، وأنه سيذهب هو إلى السجن ولكن نحن نبقى أحياء". رافقنا نحن الرئيس مهما كان قراره. تعرض الرئيس آنذاك للاعتقال، وفي هذه اللحظة يفرضون عليه عزلة. ولا حتى المدعي العام للجمهورية تمكن من رؤية الرئيس شافيز ولم يسمحوا له بالتحدث إليه.

المدعي العام تساءل اليوم علناً عما يقوم في البلاد، إن كان حكومة أمر واقع، دكتاتورية، أو ما هو الذي يقوم. لم يسمحوا لنا نحن اليوم بالدخول لأي من الوزارات، إنهم يقومون بأعمال مداهمة، بدأوا مداهمة كل الوزارات؛ إنهم يقومون بأعمال المداهمة هذه وينقلونها عبر التلفزيون. إنهم يستخدمون جماعات تقوم بالبصق على الوزراء وعائلاتهم ويهينونهم ويسيئون معاملتهم. هذا ما فعلوه مع وزير العلاقات الداخلية، ومع ذوي نائب الرئيس ديوسدادو كابيجو؛ والنائب كارل وليام سايز انتهكوا حصانته البرلمانية، فأخرجوه من منزله رفساً بالأرجل ودفعه وسط الجماعات المذكورة؛ إنهم يقومون بحملات لإثارة الرعب.

في حالي أنا يقولون بأنني ورئيس بلدية كركاس الأكثر خطورة وأكثر ما يتم البحث عنّا، وأنهم بحثوا عنّا في كل مكان ولم يجدونا، وهو أمر كاذب، لأنني منذ الساعة 3:30 صباحاً، حين كنت مع الرئيس، أتيت إلى منزلي وبقيت فيه، ذهبت لحظة إلى أحد القنوات التلفزيونية في الصباح لأقول لهم: "اسمعوا، أنا هنا في منزلي، ليس صحيحاً ما تقولونه". لم يدعونا نحن نتكلم مع الصحف ولا يسمحون لنا بالحديث في الإذاعة الفنزويلية، إننا في عزلة عملياً عن الرأي العام.

في هذه اللحظة يقومون بمداهمة السفارة الكوبية، وبالإضافة لذلك حشدوا أشخاصاً معادين لتجربتنا في أنحاء السفارة.

ماذا سأخبرك؟ خلال ست ساعات قام هؤلاء بارتكاب كوارث، من زاوية الحقوق الإنسانية: مضايقة، عزل المعتقلين، فرض العزلة على الرئيس، المداهمة بدون أي تفسير، السخرية العامة من كل واحد من المسؤولين وعزل كل واحد منّا ومن المعتقلين.

لقد داهموا منزل والدتي، ومنزل شقيقتي، وسوف يأتون ورائي. أنا لم أغادر منزلي، وسأكون بانتظارهم هنا. حاولت الاتصال بكل الوسائل الدولية، لأنها الطريقة الوحيدة التي أستطيع بها مساعدة فنزويلا، ولهذا فإنني أشكرك جداً، أيها الأخ، على اتصالك بي.

راندي ألونسو: حضرة الوزير، على ضوء عملية الانتقام التي شهدتها فنزويلا في الساعات الأخيرة، هل تظن بأن حياة الرئيس شافيز آمنة.

أريستوبولو إستوريس: نحن خائفين على حياة الرئيس شافيز، وإذا ما كان التفاوض قد استغرق وقتاً فهو أنه من أجل التمكن نحن من الخروج وألا نموت والرئيس هناك وعدم عرقلة سيطرتهم على القصر، فذلك أننا وضعنا كشرط حماية حياة الرئيس شافيز. لن يحتكموا إلى ذلك، والجميع كان يعرف بأنهم لن يحتكموا إلى ذلك.

طلبنا بأن تشرف الهيئات الدولية على حياة الرئيس شافيز وعلى حياة جميع موظفي حكومة شافيز.

راندي ألونسو: سعادة الوزير، هل من عنصر آخر تودون إبرازه من الوضع السائد في الساعات الأخيرة؟

أريستوبولو إستوريس: حسناً، أن هذه هي دولة أمر واقع، أن تتابعوا مصير الفنزويليين والمناضلين الاجتماعيين الفنزويليين، ذلك أننا اعتباراً من اليوم نجد أنفسنا أمام وضع بالغ القسوة، بالغ الصعوبة؛ نعرف أنه جزء من الكفاح، نعرف أنه بدأ تغيير في فنزويلا، وهذا التغيير لن يتراجع، لقد كان متواصلاً. سوف نستعيد في أي لحظة قيادة العملية الثورية البوليفارية، و.. إلى الأمام! إلى الأمام!

راندي ألونسو: حضرة الوزير أريستوبولو، نؤكد لكم على ثقة الشعب الكوبي بكم وببقية قادة الثورة البوليفارية، وعلى مشاعر الحب والتضامن التي تلقيتموها دائماً من الشعب الكوبي. كونوا على علم بأن شعبنا يتابع كل الأحداث ويتضامن مع الشعب الفنزويلي.

أريستوبولو إستوريس: كنت أنا في مدرسة "لازارو بينيا".

تحياتي إلى جميع الأصدقاء هناك.. وهذا هو النضال.

راندي ألونسو: نؤكد لكم على تضامننا الأخوي الكوبي ونقول لكم بأننا سنتابع الأحداث، وأن الإذاعة والتلفزيون الكوبيين مفتوحان أمامكم، أمام كل المناضلين الفنزويليين، من أجل مواصلة نشر حقيقة هذه المؤامرة المعادية للثورة على الرئيس شافيز وعلى الحكومة الدستورية.

أريستوبولو إستوريس: شكراً جزيلاً.

راندي ألونسو: الشكر الجزيل لكم على هذه التصريحات لمحطتنا التلفزيونية.

راندي ألونسو: برقية صحفية لوكالة الصحافة الفرنسية وردت في اللحظات التي تناول فيها وزير التعليم الإطاحة بالرئيس شافيز تقول بأن "المدافع عن الشعب خيرمان موندراين، كشف هذا الجمعة عن انتهاك واسع لحقوق الإنسان يجب أن يتوقف في فنزويلا، بعد سقوط الرئيس هوغو شافيز يوم أمس واستبداله بمجموعة حكومية برئاسة رئيس قيادة قطاع رجال الأعمال ‘فيديكاماراس‘، بيدرو كارمونا.

‘نرى بأن هناك انتهاك واسع لحقوق الإنسان يجب أن يتوقف، بما فيه الخير لجميع المواطنين وللبلاد. إنه انتهاك واسع للحقوق نرى بأنه مرتبط بحملة انتقامية‘، هذا ما قاله مونداراين لمحطة ‘أونيون راديو‘ الإذاعية.

وأعرب المدافع عن الشعب، الذي ما زال يحافظ على منصبه، عن قلقه إزاء الطريقة التي يقومون بها باعتقال برلمانيين ووزراء يتمتعون بحقوق خاصة. وقال: ‘نشعر بالقلق إزاء الكيفية التي يعتقلون بها حكاماً وأعضاء مجالس بلدية ورؤساء بلديات. بل وأن العديد من عمليات الاعتقال هذه قد تم تصويرها تلفزيونياً‘.

وأضاف: ‘لقد فتحت هيئتنا تحقيقاً نتيجة الوضع الذي تعيشه البلاد‘. وقال منوهاً إلى الاعتقالات والمداهمات المتلفزة التي يشارك فيها معارضو الرئيس المخلوع: ‘لا يمكن للجماهير أن تشارك في عمل يبدو بأنه عملاً انتقامياً أكثر منه قضائياً"‘".

واستخدام التلفزيون هذا كان جزءاً هاماً من كل المؤامرة التي تعرض لها الرئيس شافيز، الحكومة المنتخبة دستورياً في فنزويلا.

لقد قامت وسائل الاتصال بحرب وسيلية خلال هذا اليوم، شكلت دافعاً أيضاً لكل هذا الانقلاب المعادي للثورة. على هذا الموضوع يعلّق روخيليو بولانكو.

روخيليو بولانكو: إنها حرب وسيلية كان لها أن تعززت يوم أمس، وبلغ التعبير عنها أوجه، ولكنها كانت آتية. ولنتذكر جميعاً كيف أن هذه الحرب الوسيلية قامت خلال أشهر، خلال سنوات من التجربة البوليفارية، وأن الحكومة والسلطات وسياسة شافيز تعرضت بشكل منتظم لهجمات وسائل الإعلام الرئيسية التي بقيت في أيدي تلك الأرستقراطية، لهجمات تلك الوسائل القوية بأيدي ذات المرتبطين بقيادة قطاع رجال الأعمال واتحاد النقابات العمالية غير الشرعي.

هناك بعض يطرح بأنه كان أولاً انقلاباُ وسيلياً، أي أن وسائل الإعلام هي التي بدأته أولاً، لا سيما أن المحطات التلفزيونية الخاصة هي التي أمسكت بزمام السلطة ثم أخذت تحرض على العنف وعلى قيام الانقلاب في نهاية الأمر. أي أنه في الواقع كانت هناك رؤيا واحدة للأحداث على مدى ساعات عبر شبكات التلفزيون الخاصة، والتي التحقت بها شبكات تلفزيونية عالمية عكست وجهة نظر واحدة وخلقت ارتباكاً كبيراً عند وسائل الإعلام الدولية وعند الرأي العام العالمي.

لا بد من الكشف على نحو لا يقبل اللبس بأن الوسائل المذكورة كانت تبحث يوم أمس عن بينوشيه آخر. ظهر المسؤولون من قطاع رجال الأعمال الفاسدون أنفسهم، وبعض العسكريين، وتم الحديث عن بعض القادة العسكريين الوسيليين، الذين ظهروا واحداً بعد الآخر يتكلمون عن الاضطراب وعن ضرورة اتخاذ القرارات التي اتخذتها مجموعة الأمر الواقع هذه لاحقاً، وبالتالي، أعتقد بأنه كانت هناك مسؤولية هائلة تتحملها وسائل الإعلام عمّا حدث يوم أمس وعمّا يحدث اليوم في فنزويلا، والذي كشف عنه هوغو شافيز نفسه بوضوح عصر يوم أمس، حيث كان قد تناول خلال مداخلات عامة كثيرة الدور غير المسؤول الذي تلعبه وسائل الإعلام والاستفزاز الذي دعت له.

في لحظة معينة قال هوغو شافيز نفسه لصحيفة "لا خورنادا" يوم أمس بأنه "في أيام خلت كان هناك مجموعات من الطراطير" –دققوا في ذلك- "يحتمون بكاميرات تلفزيون القطاع الخاص لكي يهجموا بالحجارة خلال مظاهرات في الشارع". أي أنه بعد عدم الحصول على استجابة من جانب المحطات التلفزيونية أمام هذه الاستفزازات التي كانت تتضح خلال هذه الأيام، تم اتخاذ هذا القرار، والذيأبلغ عنه الرئيس شافيز نفسه، بوقف بعض هذه المحطات التلفزيونية الخاصة التي كانت تحرض على العنف، وبالإضافة لذلك واصلت على مدى ساعات نقل الاضطرابات في بث مباشر عبر وسائلها.

أعتقد أن بوسعنا اليوم أن نتساءل أين هي أخلاقية هذه الوسائل، وأين هي "جمعية الصحافة عبر الأمريكية" التي أخذت تهاجم حكومة شافيز بشكل متواصل، أمام هذه الأحداث الخطيرة جداً التي وقعت؛ أين هي حرية تعبير وسائل الإعلام في فنزويلا؛ أين هم زعماء حقوق الإنسان الآن، وقد تم السكوت كلياً عما يحدث في البلاد وحيث يُمنع حتى بعض القادة الرئيسيين من التوجه للشعب وللرأي العام العالمي للكشف عن الانقلاب الذي يحدث في ذلك البلد.

راندي ألونسو: فعلاً. بالنسبة لنا نحن الذين أتيحت لنا فرصة مشاهدة هذه المحطات التلفزيونية على مدى بضع ساعات من أجل متابعة الأحداث ونقل الأنباء لشعبنا، الحقيقة أنه يثير الاشمئزاز خطاب هذه المحطات التلفزيونية الخاصة الفنزويلية، تلاعبها بكل ما حدث هناك.

بل وأن هناك رموزاً من محطة "فينيفيسيون"، وهي واحدة من أهم المحطات التلفزيونية الفنزويلية للقطاع الخاص، تباهوا –واعترفوا- بأنها المرة الأولى التي واجهت وسائل الاتصال حكومة فنزويلية؛ وهذا يرمز باعترافهم هم لما كان عليه منذ اللحظة الأولى موقف وسائل الاتصال الخاصة في فنزويلا، الموجودة بأيدي إدارات قطاع رجال الأعمال هذه، التي تواطأت أيضاً في الانقلاب على الرئيس شافيز، والتي تعطينا فكرة عمّا كانت عليه مواجهة وسائل الاتصال الموجودة في أيدي القطاع الخاص للثورة البوليفارية التي حاولت حل مشكلات الأغلبية الساحقة من الفنزويليين، وهو أمر اعترضت إدارات قطاع رجال الأعمال هذه عليه دائماً.

يمكن التحدث أكثر بكثير عن ذلك عن دور وسائل الاتصال، أعتقد أن هناك الكثير مما يمكن قوله، ولكنها بعض الأمثلة التي يمكن وضعها أمام شعبنا. إنها ذات وسائل الاتصال التي أخذت تقطع بث تصريحات وزراء، وأشخاص حلفاء للرئيس شافيز؛ وقد تم فوراً قطع أي إشارة للانقلاب في هذه المحطات، كما حدث اليوم خلال البث التلفزيوني، وليس كذلك بالنسبة لبث شبكة سي أن أن إلى الخارج بالإسبانية، التي لعبت دوراً وسيلياً هاماً وبارزاً في ما حدث هناك. ولكن، شبكة سي أن أن بالإسبانية بثت كامل تصريحات المدعي العام للجمهورية، وهو ما لم تفعله المحطات التلفزيونية الفنزويلية، التي قطعت بثها.

أقترح عليكم مشاهدة تصريحات المدعي العام للجمهورية هذه.

إيساياس رودريغيز: أود أن أبدأ بالقول بأن للوزارة العامة في هذه اللحظة ثلاثة مدّعين في قلعة تيونا، من بينهم مديرة الحقوق الأساسية، ماغالي غارسيا مالبيكا.

الغاية من زيارة الوزارة العامة لقلعة تيونا هو مقابلة الرئيس، أو الرئيس السابق شافيز، كما يريد تسميته أولئك الساعون لتصنيفه في هذه اللحظة.

ولماذا مقابلته؟ أولاً، لأن لدينا معلومات أوردها المدعون العسكريون الذين قابلوه بأن الرئيس لم يستقل. فعلاً أن الرئيس لم يستقل، فما دام لم يُعرض علينا في أي لحظة، كوزارة عامة، أي دليل خطي وصريح على هذه الاستقالة يظل الرئيس شافيز رئيساً لجمهورية فنزويلا البوليفارية. ولكن في حال كان الرئيس قد استقال، فإن الاستقالة يجب أن تتم أمام الجمعية الوطنية، ولا يكون لاستقالة الرئيس صلاحية إلا حين توافق الجمعية الوطنية عليها. وعليه، فإنه في حال صحّ التأكيد بأن الرئيس قد استقال فعلاً فإنه يظل رئيسا للجمهورية لأنه لم يتم القيام بهذه الخطوة أمام الجمعية الوطنية، حيث تتم المصادقة على استقالة الرئيس.

ولكنني أريد الإشارة إلى بعض الأمور الأخرى: رئيس الجمهورية معتقل في هذه اللحظة، وهو في عزلة، فلم يتم السماح حتى للوزارة العامة… (قطع البث)… رئيس الجمهورية. تتوفر لدينا معلومات من خلال بعض المدعين العسكريين بأنه قد تم تزويد مدّعي الوزارة العامة الذين هناك في هذه اللحظة بهذه المعلومات.

أي أننا في وضع يشهد انتهاكاً كاملاً ومطلقاً للمعاهدة عبر الأمريكية لحقوق الإنسان.

ولكن، بالإضافة لذلك، هناك حقيقة على أهمية أكبر في هذا الوضع: إذا كان الرئيس معتقلاً، ما هي الجريمة التي اقترفها، أهي جريمة الاستقالة؟ فهل الاستقالة جريمة؟ هذا في حال كان الوضع المذكور صحيحاً. وإذا ما استقال وكانت هذه جريمة، لماذا يتم فرض العزلة عليه ولماذا لا يُسمح للوزارة العامة بأي حال من الأحوال بمقابلته من خلال مديرة الحقوق لأساسية والمدعين الذين يرافقون هذه المديرة؟

إن الوضع هو خطير في الحقيقة من وجهة النظر الدستورية؛ أي أنه وضع الأمر الواقع، الحقيقة أن الوضع هو وضع أمر واقع، فليس هناك من دولة دستورية. أنا لا أتكلم عن دستور عام 1999، فحتى في دستور عام 1961 لا يمكن إعطاء صفة شرعية أو دستورية لمثل هذا الوضع.

من ناحية أخرى، من يحل محل الرئيس هو نائب الرئيس. ولا يوجد إثبات، من أي نوع كان، بأن نائب الرئيس قد استقال أيضاً، وليس هناك من إثبات على إقالة نائب رئيس جمهورية فنزويلا، وفي حال الافتراض بأن نائب الرئيس قد استقال، فإن الدستور ينص على أن يتولى رئيس الجمعية الوطنية رئاسة الجمهورية. ما يعني بأن الوقائع، على النحو الذي تُطرح به في هذه اللحظة في فنزويلا، تنتهك ‘بروتوكول واشنطن‘".

راندي ألونسو: هذه هي تصريحات المدعي العام التي، وأكرر، تم قطع بثها من قبل عدة وسائل اتصال فنزويلية، لم يتم بثها كاملة.

في غضون ذلك، عُلم من خلال برقية لوكالة الصحافة الفرنسية بأن سفير الولايات المتحدة في فنزويلا، شارلز شابيرو، قال هذا الجمعة أنه "بالرغم من الحوادث المأساوية التي وقعت يوم الخميس، فإن ذلك اليوم هو يوم ما فوق العادي بالنسبة للبلد الذي كان يحكمه الرئيس الفنزويلي المخلوع هوغو شافيز".

"عند قراءته لبيان رسمي في محطة ‘أونيون راديو‘ الإذاعية، وصف شابيرو يوم الحادي عشر من نيسان/أبريل بأنه يوم ما فوق العادي في تاريخ فنزويلا، مع أنه قال أيضاً بأنه كان يوماً مأساوياً. وحيّى النوايا التي عبّر عنها كارمونا، كرئيس لمجموعة الحكم الانتقالي، على تعزيز المؤسسات والعمليات الديمقراطية في إطار احترام حقوق الإنسان ودولة قانون. وأكد بأن سفارة الولايات المتحدة تواصل اطلاعها عن كثب على الأحداث الفنزويلية".

من جهة أخرى، وكما أعلن وزير علاقاتنا الخارجية، فيليبي بيريز روكي، عصر اليوم، فإن مجموعة الأشخاص التي تستجيب للانقلابيين والتي استولت على إدارة "بيتروليوس دي فنزويلا" –وهي الشركة الفنزويلية ذات الصلة بهذا القطاع الهام للطاقة- أصدرت تصريحات تتعلق بالتبادل الذي كانت تقيمه مع جمهورية كوبا، فقد توجه مدير توزيع "بيتروليوس دي فنزويلا" إلى وسائل الاتصال اليوم، وكانت هذه كلماته:

صحافي: في غضون ذلك أعلنت شركة "بيتروليوس دي فنزويلا" الحكومية عن الإلغاء الكلي لإرسال النفط إلى كوبا. صداقة هوغو شافيز مع الرئيس الكوبي فيدل كاسترو حوّلت فنزويلا إلى الشريك التجاري الرئيسي للجزيرة.

إدغار باريديس: "… خبر سار: لن نرسل برميل نفط واحد لكوبا بعد الآن".

راندي ألونسو: هذا ما قاله ممثل "بيتروليوس دي فنزويلا". هذا هو الخبر، هذا ما كانت عليه أيضاً ردة فعل إدارة قطاع رجال أعمال شركة "بيتروليوس دي فنزويلا"، المتحالفة مع الانقلابيين، المتواجدة حالياً على رأس الشركة والتي كان لها مساهمة كبيرة في أحداث يوم أمس، مع الإطاحة بالرئيس الدستوري، هوغو شافيز. كما ساهم أيضاً جنرالات القوات المسلحة الفنزويلية، ذات القوات المسلحة التي كانت قد أعلنت عصراً دستورية الرئيس والدفاع والنظام الدستوري، وهددوا ليلاً بتدمير القصر الرئاسي وتحويله إلى ركام. حول هذا يعلّق إدواردو ديماس.

إدواردو ديماس: أربعون من كبار الضباط الفنزويليين فعلوا ذات ما فعله ضباط أمريكيون لاتينيون كثيرون على مدى تاريخ قارتنا؛ أي، خيانة الدور الذي يعطيه لهم الدستور، خيانة واجبهم في الدفاع عن السلطات الشرعية للبلاد ويرتكبون الخيانة أيضاً بنفس الطريقة دائماً، بطريقة غادرة، خسيسة، قذرة، وهو ما يتميّزون به عندما ينشأ وضع من هذا النوع.

طوال يوم أمس، وفي مناسبات عدة، كانت القيادة العسكرية العليا للجيش الفنزويلي تؤكد لشافيز بأنها تسيطر على البلاد، وتؤكد له على ولائها للدستور وللرئيس نفسه على حد سواء؛ وفي ساعات العصر تمردت.

لديّ هنا، على سبيل المثال، تصريحاً للمفتش العام للقوات المسلحة الوطنية الجنرال لوكاس رينكون، الذي ينفي في بلاغ قصير إذاعي متلفز أن يكون الرئيس شافيز معتقلاً أو في ثكنة عسكرية ويؤكد وفاءه لحكومة شافيز.

ولدي أيضاً تصريحات أخرى. أي أنه في الساعة العاشرة ليلاً ظهر جنرالان، وهما النائب السابق لوزير الأمن القومي، لويس كاماتشو كَيروز، والجنرال رافائيل دامياني بوستيجوس، في إحدى القنوات التلفزيونية للإعلان بأن الجيش يسيطر على كل الوضع وأن على شافيز أن يستقيل.

في هذا الوضع، أدلى الجنرال المذكور بالتصريح التالي: "نطلب هذه الليلة المعذرة من الشعب الفنزويلي بسبب الأحداث التي سُجِّلت وتوقع الشقاق في صفوف قوة يفترض أنها عاجزة عن القيام بمهمتها. أعمال القتل التي ارتُكبت اليوم لا يمكن السكوت عنها". ونفس هذا الجنرال وباقي الجنرالات جميعاً سكتوا عن القتلى الذين تسببت بهم "ضربة كركاس"، والذين بلغ عددهم أكثر من ألف، كما سبق وقيل هنا على هذه الطاولة. وهناك القائد العام للجيش الفنزويلي‘إفراين فاسكيز، الذي تمرّد –ويبدو بأن هذا هو أحد العناصر الرئيسية في الانقلاب، الذي بوسعنا القول أنه عسكري- وأعطى التعليمات لمأموريه بالبقاء في وحداتهم. وقال أنه يتمتع -في لحظة إعطائه التعليمات وإعلانه عن ذلك- بخمسة وتسعين بالمائة من القوات المسلحة وأربعين ضابطاً كبيراً إلى جانبه. وقيل بأن هناك ضابطاً كبيراً لم يشأ أن يتم الانقلاب؛ ولكن، في نهاية الأمر، تم القيام به.

أعتقد أن هناك مسألتين لا يمكننا غض الطرف عنهما: أولاً، الدور الذي لعبه جيش الولايات المتحدة تاريخياً كمستشار لكل الجيوش الأمريكية اللاتينية؛ وثانياً، أنه عندما نتكلم عن المساعدة التي تتلقاها هذه المجموعات التابعة ل‍"فيديكاماراس" والنقابات، أي القطاعات المعارضة لشافيز، علينا أن نتكلم عن وكالة السي آي إيه الأمريكية، والتصريحات التي أدلى بها مدير هذه الوكالة، جورج تيني، على سبيل المثال، في شهر كانون الثاني/يناير، بل وتصريحات وزير الخارجية الأمريكي، كولين باول، نفسه؛ لأن هذا الانقلاب، إذا كان له أباً، فإن له أماً كذلك، وأنا لا أعرف أي هي منهما، ولكن من الواضح أن هذا الانقلاب تلقى الكثير من الدعم، الكثير. وتصريحات شابيرو، وهو، بالمناسبة، معروف بالنسبة لنا لأنه أدار مكتب كوبا في وزارة الخارجية، ومنحوه كجائزة مهمة المساعدة على إثارة الاضطراب لحكومة شافيز في فنزويلا، أعتقد أنها تعطى فكرى عن مدى الدور الذي لعبته الولايات المتحدة في كل ذلك.

راندي ألونسو: أمام كل هذه الأحداث كان هناك أيضاً تعبير عن الإدانة من جانب قوى سياسية هامة في قارتنا.

لدي برقية لوكالة الأنباء "أنسا" (ANSA) تقول بأن "حزب العمال، وهو أكبر حزب معارض في البرازيل أدان اليوم ما أسماه انقلاباً أطاح بالرئيس هوغو شافيز، في فنزويلا ، وطالب الهيئات الدولية بعدم الاعتراف بسلطات غير شرعية في دولة القانون".

من ناحية أخرى، وكما سبق وقيل، في المكالمات التي أجريناها مع شخصيات فنزويلية هامة خلال الطاولة المستديرة، هناك عملية ثأر، بحث عن شخصيات أو عن أعضاء هامين في حكومة شافيز حاولوا إذلالهم، فأخرجوهم من منازلهم، وبالإضافة لذلك تمت ممارسة العنف الجسدي بحقهم، ومن بينهم رئيس الجمعية الوطنية البوليفارية الفنزويلية، وليام لارا.

تمكن لارا من الإدلاء ببعض التصريحات لوسائل الاتصال الفنزويلية، أحدها لقناة "غلوبوفيسيون"، وهي إحدى القنوات الخاصة التي ساهمت أيضاً بوقوع الانقلاب يوم أمس. تصرفت "غلوبوفيسيون" بفظاظة مع هذه التصريحات، بل وأنها قطعت بثها. أقترح عليكم أن نشاهد ما قال رئيس الجمعية الوطنية الفنزويلية.

وليام لارا: هناك حملة ساحقة وسامة ومكثفة من جانب وسائل الإعلام من أجل تجميل هذه الدكتاتورية التي تجري محاولة إحلالها في فنزويلا.

… يُراد تجميلها بالديمقراطية؛ ولكن دققوا في المفارقة، كيف يمكن إطلاق صفة ديمقراطي على نظام بدأ بحل البرلمان الذي انتخبه الشعب؟ إن هذه هي دكتاتورية.

صحافي: … إلامَ يمكن أن يؤدي ذلك على الصعيد الاجتماعي؟

وليام لارا: إن هذا، بكل بساطة، يؤكد مجدداً بأننا أمام نظام غير شرعي وغير مشروع والمجتمع الديمقراطي الفنزويلي، المجتمع الذي يتمتع بالقيم الديمقراطية عميقة الجذور لن يقبل…

راندي ألونسو: هنا تم وقف بث تصريحات وليام لارا، الأمر الذي يشكل جزءاً من "حرية التعبير" هذه التي تباهت بها هذه الوسائل طوال كل هذه الأشهر من المواجهة ضد حكومة شافيز، إلا في الأشهر التي شهّروا فيها بكل ما أمكنهم من الشخصيات العامة في فنزويلا، وما حصل يوم أمس كان قمة التلاعب وقمة التشهير اللذين تقوم بهما وسيلة اتصال في تصرفها.

أعتقد أن هذا هو جزء من كل هذه المؤامرة التي أدت إلى الانقلاب المعادي للثورة؛ وهو انقلاب أدهش كثيرين، ولكنه أكد لكثيرين آخرين أنه، وحسب برقية لوكالة الأنباء الإسبانية واردة من واشنطن، "مع أنه ينطبق على الوضع في فنزويلا ‘فنياً‘ ما ينص عليه الميثاق الديمقراطي الشهير، حول قطع حبل النظام الدستوري، أشارت بعض المصادر لوكالة الأنباء الإسبانية بأنه يوجد في منظمة الدول الأمريكية مناخ بارد باتجاه اتخاذ أي إجراء. أكثر ما سيتم فعله هو الدعوة للتمسك بروح الميثاق التأسيسي لمنظمة الدول الأمريكية وتوجيه نداء من أجل التطبيع الديمقراطي في فنزويلا؛ ولكنه قليل جداً الاحتمال بأن تتم الدعوة للاسترشاد بالميثاق الديمقراطي ولعقد مجلس دائم، حسبما أشارت اليوم مصادر من المنظمة القارية طلبت عدم الكشف عن هويتها".

بعض ردود الفعل الدولية، إلى جانب رد فعل الولايات المتحدة ومنظمة الدول الأمريكية يعرضها علينا لازارو بارّيدو.

لازارو بارّيدو: أعتقد أنها صدرت تصريحات ذات نزوة كتصريحات الولايات المتحدة وبعض حلفائها الأوروبيين، والتي سأعرضها، وردود أخرى مترددة، توحي في الواقع بأنه لن يتم فعل شيء تقريباً الآن فوراً غير الأقوال، وذلك بلهجة…، أعود للقول، فليخرج كل واحد باستنتاجاته الخاصة.

تقول برقية لوكالة الأنباء الإسبانية: "اعتبر البيت الأبيض اليوم بأن الرئيس الفنزويلي السابق هوغـو شافيز هو الذي تسبب بالأزمة التي قضت عليه" –لقد ذكرنا نحن هنا كل العناصر-، "وذلك لإعطائه الأوامر بإطلاق النار يوم أمس الخميس" –إنه ظلم في الواقع، كذب، افتراء- "على مظاهرة سلمية للمعارضة"، في حين كان كل شيء على العكس. هذا ما يقوله المتحدث باسم البيت الأبيض، آري فليشير، الذي تجرأ مع ذلك على الإدلاء بهذا التصريح رغم قوله لاحقاً –إن هذه هي سطحية دائمة، ولكن لها متسعاً في هذا العالم-: "ما زالت التفاصيل قليلة الوضوح، ولكن ما نعرفه هو أن التحركات التي أوعز بها شافيز أدت إلى هذه الأزمة"، هذه هي المعاداة التي لا حدود لها لشافيز عند هذه الإدارة.

"الولايات المتحدة وإسبانيا تحثان منظمة الدول الأمريكية على الإسراع في الوقوف إلى جانب الديمقراطية في فنزويلا"، إنها برقية لوكالة الأنباء الألمانية "DPA"، صادرة من واشنطن. "حثت الولايات المتحدة وإسبانيا في بيان مشترك منظمة الدول الأمريكية اليوم على الإسراع في الوقوف إلى جانب فنزويلا في تعزيز مؤسساتها الديمقراطية"، أي الوقوف إلى جانبها، وليس إدانة الانقلاب أو ما شابه ذلك.

"صندوق النقد الدولي جاهز للعمل مع سلطات فنزويلا الجديدة"، هذا بعد كل ما قاطعوه وكل ما فعلوه.

"الولايات المتحدة تثني على القوات المسلحة الفنزويلية وتطلب إعادة إحلال الديمقراطية".

التردد: "مجموعة ريّو تدين قطع حبل النظام الديمقراطي في فنزويلا".

رويتر. "أدان رؤساء مجموعة ريّو هذا الجمعة ما أسموه ‘قطعاً‘ –يجب التدقيق باللهجة- ‘لحبل النظام الديمقراطي في فنزويلا، بعد انفجار العنف الذي أجبر الرئيس هوغو شافيز على ترك السلطة‘، وحثوا على إجراء انتخابات حرة في البلاد".

هذا هو ما اتفق عليه رؤساء التسعة عشر بلداً أمريكياً لاتينياً –الذين حضر منهم 11 فقط- المجتمعون في سان خوسيه. ويقول البيان الذي قرأه أحد الرؤساء: "يدينون انقطاع حبل النظام الدستوري في فنزويلا، والناجم عن عملية الاستقطاب المتنامية".

إن هذا هو مواصلة السير في ذات الشيء تقريباً. وآخرون يدعمون الحكومة الفنزويلية المفروضة، كالحكومة الكولومبية، الواثقة في "العودة السريعة للديمقراطية إلى فنزويلا على يد الرئيس التوحيدي الجديد"، حسبما قال متحدث باسم الحكومة الفنزويلية، القيادي في قطاع رجال الأعمال الفنزويلي، بيدرو كارمونا. وفي هذا الإطار تقريباً تأتي بقية تصريحات حكومات أمريكية لاتينية كثيرة، وحكومات أوروبية تسير في ذات المسار الإسباني والولايات المتحدة من حيث حث منظمة الدول الأمريكية على الإعراب عن دعمها ومساعدة الحكومة الجديدة على إحلال نظام ديمقراطي.

راندي ألونسو: وفي هذا المسار نشرت وكالة الصحافة الفرنسية اليوم تحليلاً لباحثين بوليفيين، وبوليفيا هي بلد عاش دكتاتورية عسكرية. وتقول بأن "محللين سياسيين بوليفيين أكدوا هذا الجمعة بأن ما حدث في فنزويلا هو انقلاب عسكري أدى إلى قطع حبل الدستورية ويمكنه أن يشكل سابقة خطيرة بالنسبة لأمريكا اللاتينية.

‘ما حصل في فنزويلا هو انقلاب عسكري يدعمه قطاع من المواطنين‘، هذا ما أكده عالم السياسة البوليفي، خورخي لاسارتي، وهو عضو سابق في المحكمة الانتخابية البوليفية، الذي عبر عن قلقه لانكسار العملية الدستورية ولا يمكن إخفاء ذلك بالقول أن الرئيس قد أُرغم على الاستقالة.

في نفس الاتجاه جاء رأي المحللة خيمينا أكوستا عند إشارتها إلى أنه ‘يبعث القلق أن يلجأ بلد إلى الانقلاب العسكري من أجل تغيير حكومة؛ ولكن أكثر ما يبعث الدهشة –والقول لهذه المحللة- هو أن انقطاع حبل هذا النظام الدستوري الذي كانت كلفة بنائه باهظة بالنسبة لبلدان أمريكا اللاتينية قد تم النظر إليه بكثير من الطبيعية وعدم الاكتراث أو بالترحيب من قبل الأسرة الدولية‘.

هذه هي المعلومات التي ما زالت تصل من وكالات الأنباء الدولية إلى طاولتنا المستديرة.

وفي الختام أود أن أنقل لشعبنا وللرأي العام العالمي بأن آخر الأنباء التي وردتنا في حوالي الساعة 6:15 عصراً حول أحداث سفارة جمهورية كوبا في فنزويلا هي أنه في حوالي الساعة الرابعة عصراً، ووسط حالة من الضوضاء تصمّ الآذان قامت بها الفلول التي تحاصر السفارة، أُبلغ السفير بأن رئيس قوات شرطة العاصمة يريد الاجتماع به. عندما أبلغ كوبا بذلك، أعطيت له التعليمات بالتأكد ما إذا كان هذا المسؤول رفيع المستوى يرغب بالاجتماع معه فعلاً، وفي هذه الحالة السماح له بالدخول.

وصل في الحقيقة برفقة شخصين آخرين، ممثل عن رئاسة البلدية العليا، باسم رئيس البلدية بينيا، ورئيس بلدية باروتا، إنريكي كابريليس، وطلبوا أيضاً تواجد ممثلين عن القناتين 33 و2.

وأشار سفيرنا، خيرمان، إلى أن هؤلاء الأشخاص، وبتحريض من مجموعة صغيرة، تهيأوا لتحطيم سيارات وقطع الماء والكهرباء، بل ونوهوا إلى منع وصول الطعام، وهو أمر يمكنه أن ينطوي على نتائج وخيمة، وقال بأنه إذا ما حدث أي تسلل فإن طاقمنا سيدافع عن السفارة ولو كلف ذلك حياته.

قالوا بأن الناس يتواجدون في الخارج لأنهم يشتبهون بأن ديوسدادو كابيجو ووزراء آخرين يتواجدون هناك. قام خيرمان بتفنيدهم.

سألوا فيما إذا كان سيُمنح لهم اللجوء في حال طلبوا هم ذلك؛ أجاب خيرمان بأن اتخاذ القرار بذلك هو من صلاحيات الذي يمنح اللجوء.

طلبوا القيام "بجولة ودية"، أي تفتيش في السفارة من أجل التحقق بأن ديوسدادو والآخرين ليسوا هناك؛ برروا ذلك بالقول أن "الناس المحتشدة يصدقونهم، بينما لا يصدقون خيرمان". رفض خيرمان الطلب مؤكداً بأنه خلال أربعين سنة لم نرضَ أبداً بعملية تفتيش. حاولوا آنذاك أن يقوم بعملية التفتيش السفير النروجي، الذي عرض خدماته. توجه خيرمان له بالشكر على لطفه وشرح له ما تتعرض له السفارة من اعتداءات وأعمال مهينة.

أكد خيرمان قرار الطاقم الدفاع عن السفارة، التي كان يتواجد فيها أيضاً خمس نساء وطفل واحد.

وفي الختام وعد كل من رئيس قوات شرطة العاصمة وممثل رئاسة البلدية العليا ورئيس بلدية باروتا بأنهم سيضمنون عدم دخول الحشد إلى السفارة. سنرى ما يحدث.

وزارة العلاقات الخارجية أبلغت هذا الوضع للأمين العام للأمم المتحدة ولرئيس مجلس الأمن ولحركة بلدان عدم الانحياز ولمجموعة واسعة من السفراء المعتمدين في كوبا وفي كركاس.

إن مسؤولية أي نهاية عنيفة تقع على كاهل الانقلابيين وعلى كاهل من تولى بطريقة غير شرعية رئاسة الأمة الفنزويلية النبيلة والمعذبة.

بهذا النبأ نأتي على ختام هذه الطاولة المستديرة الإعلامية لهذا اليوم.

أود أن أتوجه بالشكر للذين رافقوني، وللمدعوين الذين تواجدوا معنا في الأستديو وأن أقول لشعبنا بأن وسائل اتصالنا ستواصل متابعتها عن كثب لأحداث فنزويلا.

سنواصل تقديم المعلومات والأنباء عن التسوية، المؤامرة المعادية للثورة التي أدت إلى الإطاحة بالرئيس الدستوري لهذا البلد، هوغو شافيز فريّاس، وسنواصل إطلاع شعبنا على كل هذه الأحداث.

أشكر كل شعبنا على إصغائه.

طابت ليلتكم.