تأملات الرفيق فيدل

وجهة نظر خبير

لو سُئلت عن أكثرهم ضلوعاً بمعرفة الفكر لإسرائيلي، لقلت بدون تردُّد جيفري ولدبيرغ،. صحافيٌّ لا يكلّ، على استعداد لعقد عشرات الاجتماعات من أجل استقصاء فكر أي زعيم أو مثقف إسرائيلي.

طبعاً، ليس هو بالمحايد، إنما هو موالٍ لإسرائيل بدون أي تردد. عندما يكون أحدهم على غير اتفاق مع سياسة تلك الدولة، لا يكون كذلك أيضاً بدرجة متوسطة.

المهمّ بالنسبة للغاية التي أنشدها معرفة الفكر الذي يسترشد به القادة السياسيون والعسكريون الرئيسيين لتلك الدولة.

أشعر أنني أملك السلطة التي تسمح لي بإبداء رأيي، لأنه لم يسبق لي أبداً أن كنت معادٍ لليهود، وأشاركه حقداً غائراً على النازية-الفاشية وعلى ما اقترفته من إبادة لأطفال ونساء ورجال وشبّان  ومسنّين يهود، أنزل بهم هتلر والجستابو والنازيون ثل حقدهم على ذلك الشعب.

لذات الأسباب أمقت جرائم حكومة نتنياهو الفاشية، التي تقتل أطفالاً ونساءً ورجالاً  وشبّاناً ومسنّين في قطاع غزة والضفة الغربية.

في مقالته الغنية بالمعلومات "النقطة التي لا عودة فيها إلى الوراء"، التي ستُنشر في مجلة "The atlantic"، في شهر أيلول/سبتمبر 2010، وقد تم نشرها عبر شبكة الإنترنيت، يبدأ جيفري غولدبيرغ مقالته المكوّنة من أكثر من أربعين صفحة، والتي أستعرض منها الأفكار الجوهرية من أجل معرفة القراء.

في لحظة ما من الأشهر الاثني عشر المقبلة، ربّما يتمكن فرض العقوبات الاقتصادية الساحقة على جمهورية إيران الإسلامية من إقناع قادتها بالتخلي عمّا يبذلوه من جهود للحصول على الأسلحة النووية. [...] كما يمكن أيضاً أن يصل الأمر "بعمليات الإحباط" التي تقوم بها هيئات تجسس إسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا وغيرها من القوى العظمى الغربية [...] أن تبطئ إلى حدًّ كبير من تقدّم إيران. وربما يوعز الرئيس أوباما، الذي صرّح في عدد كبير من المناسبات أن احتمال قيام إيران نووية هو شيء "غير مقبول"، بتوجيه ضربة عسكرية للمنشآت الرئيسية للأسلحة ولتخصيب اليورانيوم في البلاد.

عند تحليل معقولية حدوث ضربة إسرائيلية لإيران وعواقبها المحتملة، لا أكرس جهدي لتمرين ذهني ولا للعبة حرب عند رجل. لقد سبق لإسرائيل أن هاجمت ودمّرت مرّتين البرنامج النووي لأحد أعدائها. ففي عام 1981، قصفت طائرات حربية إسرائيلية مفاعل تموز العراقي، فشلّت (وإلى الأبد وفق ما نتج) الطموحات النووية عند صدّام حسين؛ وفي عام 2007 دمرت طائرات إسرائيلية مفاعلاً من صنع كوريا الشمالية في سورية. وعليه، فأن أي هجوم على إيران لن يشكّل سابقة إلا في ما بتعلّق بمداه ودرجة تعقيده.

عكفتُ على مدى أكثر من سبع سنوات على دراسة إمكانية حدوث الضربة في نهاية الأمر [...]. خلال الأشهر المنقضية منذ ذلك الموعد (آذار/مارس 2009)، قابلت نحو أربعين من أصحاب القرار الإسرائيليين الراهنين والسابقين حول الضربة العسكرية، وكذلك مسؤولين أمريكيين وعرب كثيرين. في معظم المقابلات، وجّهت سؤالاً بسيطاً: ما هي النسبة المئوية من إمكانية مهاجمة إسرائيل للبرنامج النووي الإيراني في المستقبل القريب؟ لم يجِب الجميع على هذا السؤال، ولكن كان هناك توافق على وجود إمكانية تتجاوز نسبتها الخمسين بالمائة لشن إسرائيل هجوماً في شهر تموز/يوليو القادم [...] وقد أخضعتُ هذا التوافق للاختبار عبر التحدث إلى مصادر كثيرة، من داخل الحكومة ومن خارجها، وتابعة لأحزاب سياسية مختلفة. بعد الإشارة إلى الحساسية المفرطة لهذا الموضوع، لم يتحدث كثيرون إلاّ مكرهين وشريطة عدم الكشف عن هوياتهم. [...] القراءة التي قدّمها أصحاب القرار الإسرائيليون لم تكن معقّدة: أقصى ما يمكن لإيران أن تحتاجه هو ما بين سنتين وثلاث من أجل تحقيق قدرة نووية فعلية. [...] والعنصر الجوهري الأساسي في عقيدة الأمن القومي الإسرائيلي، وهي مبدأ يعود عهده إلى عقد الستينات [...] هو أنه لا ينبغي السماح لأي خصم إقليمي بتحقيق التكافؤ النووي مع الدولة اليهودية الناهضة والتي ما تزال محاصرة.

في محادثتنا التي جرت قبل تولّيه لمنصبه، لم يتناول نتنياهو الموضوع من زاوية التكافؤ النووي. [...] بل على العكس، وصف البرنامج الإيراني بأنه تهديد ليس لإسرائيل فحسب، وإنما لكل الحضارة الغربية".

".... حين يمسك المؤمن جاحظ العينين بزمام السلطة وبأسلحة الإبادة الجماعية، من واجب العالم آنذاك أن يبدأ الشعور بالقلق، وهذا هو ما يحدث اليوم في إيران".

وقد رفض نتنياهو خلال محادثتنا الخوض في جدوله الزمني للتحرك، ولا حتى في ما إذا كان يفكر أصلاً بالتحرك العسكري الوقائي ضد البرنامج النووي الإيراني [...]. قناعة نتنياهو هي أن إيران ليست مشكلة إسرائيل فقط، وإنما هي مشكلة العالم، والعالم، وعلى رأسه الولايات المتحدة، من واجبه أن يواجهها. ولكن نتنياهو لا يؤمن كثيراً بالعقوبات، لا بالعقوبات الهشة نسبياً ضد إيران والمتخذة مؤخراً من قبل مجلس الأمن الدولي، ولا بأشدّها المتخذة من قبل الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين.

ولكن حسب محادثاتي مع أصحاب القرار الإسرائيليين، فإن هذه الفترة من الصبر، التي ينتظر فيها نتنياهو ليرى إذا كان بإمكان الأساليب غير العسكرية المتبعة من قبل الغرب كبح إيران، ستنتهي في شهر كانون الأول/ديسمبر.

حكومة نتنياهو آخذة بتكثيف جهودها التحليلية ليس فقط تجاه إيران، وإنما في ما يتعلق بموضوع يصعب على كثير من الإسرائيليين فهمه: الرئيس أوباما. يبرع الإسرائيليون في الإجابة على ما يشكل السؤال الأكثر إلحاحاً بالنسبة لهم: هل تتوفر أية ظروف يقوم فيها الرئيس أوباما بنشر قواته من أجل منع إيران من تحقيق قدرة نووية؟ كل شيء يعتمد على الإجابة.

تسترعي إيران الاهتمام العاجل من المجتمع الدولي أجمع، واهتمام الولايات المتحدة على وجه الخصوص، وذلك بالنظر إلى مهارتها التي لا تضاهى في إعداد القوة العسكرية. وهذا أيضاً هو موقف كثيرين من الزعماء العرب المعتدلين. قبل بضعة أسابيع، في تصريحات مباشرة على نحو غير معهود، قال لي سفير الإمارات العربية المتحدة لدى الولايات المتحدة، يوسف العتيبة [...] أن بلاده من شأنها أن تدعم أي ضربة عسكرية للمنشآت النووية الإيرانية [...]. وقال أن "البلدان الصغيرة والغنية والضعيفة في المنطقة لا تريد أن تكون هي المتبجّح الأكبر ما دام أحد لن يهمّ إلى مساعدتها".

لقد قال العديد من الزعماء العرب أن موقف الولايات المتحدة في الشرق الأوسط يعتمد على استعدادها لمواجهة إيران. وانطلاقاً من تفكيرهم بمصالحهم، يفسّرون ذلك بالقول أن أي هجوم جوي على حفنة من المنشآت الإيرانية لا يمكنه أن يكون أمراً بالغ التعقيد وبالغ الإشكالية كما كان الحال مع غزو العراق، على سبيل المثال. "ليس هذا بجدل حول غزو إيران"، هذا ما قاله لي وزير خارجية عربي. "نأمل القيام بضربات محددة ضد عدة منشآت خطيرة. يمكن للولايات المتحدة أن تفعل ذلك بسهولة كبيرة".

باراك أوباما قال في عدد لا يُحصى من المناسبات أن "قيام إيران نووية هو شيء ’غير مقبول‘. [...] إن قيام إيران نووية من شأنه أن يشكل وضعاً سيغيّر اللعبة، ليس فقط في الشرق الأوسط وإنما في العالم بأسره. أظن أن أي شيء يبقى من إطارنا لمنع الانتشار النووي سيأخذ بالتفكك. هناك بلدان في الشرق الأوسط يمكنها أن تجد نفسها في حاجة محتملة للحصول على مزيد من الأسلحة النووية أيضاً".

لكن الإسرائيليين يشكّون في إمكانية قيام رجل وضع نفسه في موقع الوجه النقيض لجورج دبليو بوش، الذي غزا أفغانستان والعراق على حدّ سواء، بشن هجوم وقائي على بلد مسلم.

"جميعنا سمعنا خطابه في القاهرة"، هذا ما قاله لي مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى في تنويه إلى خطابه في شهر حزيران/يونيو 2009، حيث حاول أوباما إعادة رسم العلاقات مع المسلمين مركّزاً على روح التعاون والاحترام عند الولايات المتحدة تجاه الإسلام. "لا نظنه النوع من الأشخاص الذي يوجه ضربة جريئة إيران. نخشى أن يتّبع سياسة كبح تجاه إيران نووية بدلاً من مهاجمتها".

وقال لي المسؤول الإسرائيلي أن "ما حدث مع بوش كان قبل سنتين، ولكن البرنامج الإيراني كان نفس البرنامج والنية هي نفسها. وهكذا فإنني شخصياً لا أتوقع من أوباما أن يكون بوش أكثر من بوش".

إذا ما توصّل الإسرائيليون إلى الاستنتاج النهائي بأن أوباما لن يوجه ضربة لإيران في ظل أي ظرف من الظروف، سيبدأ حينها العدّ العكسي نحو هجوم إسرائيلي من جانب واحد.

يرى مسؤولو أجهزة التجسس الإسرائيليون أن أي ضربة لإيران يمكنها أن تتسبب بانتقام من جانب نصير إيران في لبنان، حزب الله، الذي يمتلك اليوم، حسب معظم التقديرات الاستخبارية، ما يصل إلى 45 ألف صاروخ (ما لا يقل عن ثلاثة أضعاف ما كان يمتلكه في صيف 2006، خلال الجولة الأخيرة من المواجهات بين هذه المجموعة وإسرائيل).

... ليس نتنياهو الوحيد الذي يدرك هذا التحدي؛ فالعديد من رؤساء الوزراء الذين سبقوه تحدثوا عن تهديد إيران كما يتحدث عنه هو باعتباره تهديداً لوجودهم. [...] ميشيل أورين، سفير إسرائيل لدى الولايات المتحدة قال لي أن لديه "حسّاً عميقاً لدوره في التاريخ اليهودي".

ثم يخصص جيفري غولدبيرغ عدة صفحات لرواية تاريخ والد نتنياهو، بن صهيون، الذي يعتبره أبرز مؤرّخ في العالم حول محاكم التفتيش الإسبانية وغير هذه من المزايا، والذي بلغ المائة سنة من العمر في موعد حديث العهد.

بنيامين نتنياهو ليس معروفاً في معظم الأوساط بمرونته في ما يتعلق بالقضايا المتصلة بالفلسطينيين، مع أنه سعى في الآونة الأخيرة لتلبية بعض مطالب باراك أوباما بالسير قدماً في عملية السلام.

بعد انتهاء هذا الجزء من مقالته، يواصل غولدبيرغ تحليله للوضع المعقّد. هو في بعض الأحيان على قدر كبير من القسوة في تحليله لتعليقٍ جاء على لسان الرئيس الإيراني السابق، هاشمي رفسنجاني، عام 2001، تحدث فيه هذا بالفعل عن قنبلة من شأنها تدمير إسرائيل؛ وهو تهديد تم انتقاده حتى من قبل قوى يسارية معادية لنتنياهو.

"التحديات التي تمثلها إيران بقدرة نووية هي أكثر ريبة من إمكانية شن هجوم مباشر بحد ذاتها"، هذا ما قاله لي نتنياهو. [...] "العناصر العدوانية الفاعلة داخل إيران من شأنهم أن يطلقوا صواريخ وأن يشاركون في نشاطات إرهابية أخرى، في ذات الوقت الذي يمكنهم أن يحظوا فيه بغطاء لاستخدام المواد النووية. [...] وبدل أن يكون حدثاً محلياً، بغض النظر عمّا يبلغ مداه من الإيلام، يتحوّل أيضاً إلى حادث ذي طابع عالمي. ثانياً، هذا الحادث من شأنه أن يشجّع النشطاء الإسلاميين في كافة الأصقاع، في قارات كثيرة، ممن يمكنهم أن يصدّقوا بأن هذا هو مؤشر إلهيّ، وأن هذا الشبح يؤدي إلى الطريق الأسمى للنصر".

وأضاف: "من شأن ذلك أن يتسبب بتغيير راديكالي لميزان القوى في منطقتنا".

مسؤولون إسرائيليون آخرون يرون أن مجرّد التهديد بهجوم نووي من جانب إيران، بالترافق مع التهديدات المزمنة التي تعيشها المدن الإسرائيلية بفعل القوى الصاروخية "لحماس" و"حزب الله"، سيصدّع تدريجياً قدرة البلاد على حماية أكثر مواطنيها إبداعاً وإنتاجاً. [...] "الامتحان الحقيقي أمامنا هو أن نتمكّن من جعل إسرائيل ذلك المكان الجذّاب، ذلك المكان الطليعي في مجالات المجتمع الإنساني، التعليم، الثقافة، العلوم، وجودة الحياة، الذي يتوق للمجيء إليه حتى الشبان اليهود الذين يعيشون في الولايات المتحدة".

حسب العديد من استطلاعات الرأي، فإن الحسّ الوطني هو شعور يشغل مكانة سامية جداً في إسرائيل، ويبدو لي قليل الاحتمال أن يُجبر الخوف من إيران يهود إسرائيل على البحث عن ملجأ في مكان آخر. لكن أحد الدعاة الرئيسيين لشن هجوم إسرائيلي على المنشآت النووية الإيرانية، وهو إفراييم سنيه، الجنرال السابق والنائب السابق لوزير الدفاع، على قناعة بأنه إذا ما اجتازت إيران العتبة النووية، فإن فكرة إسرائيل بحد ذاتها ستكون في خطر. "هؤلاء المواطنين هم مواطنون طيبون وشجعان، ولكن ديناميكية الحياة تبلغ درجة أنه إذا كان أحد يملك منحة للدراسة في جامعة أمريكية لمدة سنتين وعرضت عليه الجامعة سنة ثالثة، فإن أبواه سيقولان له: ’ليس هناك من مشكلة، أمكث هناك‘"، هذا ما قاله لي سنيه عندما اجتمعت معه قبل مدة ليست طويلة في مكتبه القريب من تل أبيب. "وإذا ما أنجز أحدهم شهادة الدكتوراه وعرضوا عليه فرصة عمل في الولايات المتحدة، يمكن لهذا الشخص أن يبقى. لا يعني ذلك أن الناس سيخرجون إلى المطار متلهّفين [...] المهم هو أننا سنواجه سرقة متسارعة للأدمغة، لنجد أنفسنا أمام إسرائيلٍ لا تقوم على أساس المبادرة، لا تقوم على أساس التميّز، لن تكون إسرائيل كما هي عليه اليوم".

في يوم اثنين ليلاً في بدايات الصيف جلست في مكتب المناهض بحزم للغوييم (goyim)، راهم إيمانويل، رئيس مكتب البيت الأبيض، وسمعت العديد من مسؤولي مجلس الأمن القومي المجتمعين على مائدة محاضراته وهم يشرحون –بكلمات كثيرة- لماذا يتعيّن على الدولة اليهوديّة أن تثق برئيس الولايات المتحدة غير اليهودي لكي تمنع هذه إيران من اجتياز العتبة النووية.

أحد الأشخاص الجالسين إلى المائدة، بن رودس، نائب مستشار الأمن القومي الذي شارك بصفته أحد المؤلفين الرئيسيين للمادة حديثة العهد "إستراتيجية الأمن القومي للولايات المتحدة"، وكذلك في التحضير للخطاب التوفيقي للرئيس في القاهرة، أشار إلى أن البرنامج النووي الإيراني يشكل تهديداً واضحاً للأمن الأمريكي وأن حكومة أوباما ترد على التهديدات للأمن القومي بنفس الطريقة التي ردّت بها إدارات أخرى. "إننا نقوم بتنسيق إستراتيجية متعددة الأوجه في سبيل رفع مستوى الضغط على إيران، لكن ذلك لا يعني أننا قد سحبنا أياً من الأوراق المطروحة على طاولة البحث" هذا ما أكده رودس. "لقد أثبت هذا الرئيس مرة وأخرى بأنه عندما رأى أن هناك ضرورة لاستخدام القوة من أجل حماية مصالح الأمن القومي الأمريكي قد فعل ذلك. لن نستخدم عبارات افتراضية حول موعد استخدامنا للقوة العسكرية أو ما إذا كنّا سنستخدمها، ولكننا أوضحنا تماماً بأننا لم نُلغِ خيار استخدام القوة في أي من الأوضاع التي يتضرر أمننا القومي فيها".

... إيمانويل، الذي تجد وضعه المعنوي ثائراً خلافاً له. [...] (أخبرني مسؤول سابق في إدارة بوش أن رئيسه قد واجه المشكلة المعاكسة، وهو عالق بين فكّي حربين ومعتقداً أن إيران لم تكن على المسافة القصيرة التي تفصلها عن اجتياز العتبة النووية، اعترض على استخدام القوة ضد البرنامج الإيراني وأوضح وجهة نظره تماماً، "لكن أحداً لم يصدّقه").

في لحظة ما عبّرتُ عن الفكرة القائلة أنه لأسباب بالغة الوضوح، قليل من الأشخاص يصدّقون بأن من شأن باراك أوباما أن يفتح جبهة ثالثة في الشرق الأوسط الكبير. أجاب أحد الموظّفين بحمية: "ما الذي فعلناه وجعلك تتوصل إلى الاستنتاج بأن إيران بقدرة نووية من شأنها أن تشكل وضعاً مقبولاً بالنسبة لنا؟".

موظفو إدارة أوباما، وبشكل خاص منهم موظفو البنتاغون، أشاروا في العديد من المناسبات إلى أنهم غير راضين عن إمكانية تفضيل الهجوم العسكري. في شهر نيسان/أبريل، قالت نائب وزير الدفاع للقضايا السياسية، ميشيل فلورنوي، للصحافيين بأن استخدام القوة العسكرية ضد إيران "هو خارج مائدة المفاوضات في مستقبل قريب". تراجعت هي لاحقاً عن قولها هذا، لكن المشير مايكل مولين، قائد الأركان العامة المشتركة، انتقد أيضاً فكرة مهاجمة إيران. [...] "في منطقة تبلغ من الاضطراب في هذه اللحظات ما يجعلنا في غير حاجة للمزيد منه".

... لم يستبعد الرئيس في ظل أي ظرف من الظروف فكرة منع الانتشار النووي عبر استخدام القوة. [...] غاري سامور، الموظف في مجلس الأمن القومي الذي يشرف على برنامج الإدارة للحد من الانتشار، قال لي بأن الإسرائيليين موافقون على التقديرات الأمريكية التي تقول بأن البرنامج الإيراني لتخصيب اليورانيوم مشحون بالمشكلات".

"... مع أخذ تقارير ’الوكالة الدولية للطاقة الذرية‘ بعين الاعتبار، نستطيع أن نجزم بأن أمور الإيرانيين لا تسير على ما يُرام"، هذا ما قاله سامور. "بالتحديد آلات الطرد المركزي العاملة تقوم على أساس استخدام تقنية أدنى. إنهم يواجهون صعوبات فنية، ويتمثل جزء منها في العمل الذي قمنا به من أجل منع المركّبات الأجنبية من الوصول إلى أيديهم. حين يقومون هم بصناعة القطع، إنما هم يصنعون قطعاً لا تخضع لأي نوع من أنواع الإشراف على الجودة".

دينيس روس، المفاوض السابق للسلام في الشرق ألأوسط، والذي يشغل في الوقت الراهن منصب موظف رفيع المستوى داخل مجلس الأمن القومي، أكد خلال الاجتماع أنه يعتقد بأن الإسرائيليين يفهمون الآن بأن الإجراءات التي حضّت عليها الولايات المتحدة قد أبطأت عجلة تقدم إيران وأن الإدارة تعمل على إقناع الإسرائيليين –وأطرافاً أخرى في المنطقة- بأن لإستراتيجية العقوبات "إمكانيات للنجاح".

"الرئيس قال أنه لم يسحب أي ورقة من على طاولة البحث، ولكن لنرَ لماذا نظنّ نحن بأنه يمكن لهذه الإستراتيجية أن تنجح". [...] في شهر حزيران/يونيو الماضي –بما أنهم لم يكونوا قد استجابوا لدعوتنا الثنائية- قال الرئيس أن من شأننا اتخاذ إجراءات في أيلول/سبتمبر.

روس [...] يمكن للعقوبات التي تواجهها إيران في الوقت الراهن أن تغيّر طريقة تفكير النظام. "سوف يكون للعقوبات أثر. إنها تأتي في لحظة يعاني فيها الإيرانيون سوء إدارة: سيتعيّن على الإيرانيين أن يستقطعوا من المعونات [للمواد الغذائية والوَقود؛ وقد بدأوا بمواجهة استياء الشعب، وهناك شرخ في صفوف النخبة وبين النخبة وبقية البلاد...".

هناك سؤال يبدو أن أياً من موظفي الإدارة لا يريد الإجابة عليه، وهو التالي: ماذا ستفعل الولايات المتحدة حالما فشلت العقوبات؟ العديد من المسؤولين العرب شكوا لي عد إبلاغهم من قبل إدارة أوباما عن نواياها، ولا حتى بصورة عامة.

"يروق لناخبي أوباما أن يعلموا أن الإدارة قد أبدت عدم رغبتها بفتح معركة مع إيران، لكن هذه القضية ليست شأناً داخلياً"، هذا ما قاله وزير الخارجية المذكور. "ستواصل إيران المضي في هذا الطريق المغامِر إلا إذا شرعت الإدارة بالحديث بطريقة لا عقلانية. أفضل طريقة لمنع أي هجوم على إيران هو حمل إيران على الاعتقاد أن الولايات المتحدة هي على وشك مهاجمتهم. علينا أن نعرف ما هي نوايا الرئيس في هذه القضية. فنحن حلفاؤه". استناداً لما ذكره مصدران من الإدارة، تسببت هذه القضية بتوترات بين الرئيس أوباما وبين مدير الاستخبارات القومية، المشير دينيس بلير، الذي تمت تنحيته مؤخراً. وحسب هذه المصادر فإن بلير، الذي يقال بأنه قد ركّز كثيراً على ما تمثّله إيران من تهديد ، قد قال للرئيس بأن حلفاء الولايات المتحدة العرب يحتاجون إلى مزيد من الكلمات المطمئنة. ويقال بأن أوباما لم تعجبه هذه النصيحة.

طبعاً، في إسرائيل يكلّف المسؤولين جهداً كبيراً فهم الرئيس أوباما، بالرغم من الكلمات المطمئنة التي تلقّوها من إيمانويل وروس وغيرهما.

قبل مدة من الزمن، أجرى رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلي، اللواء عاموس يدلين، زيارة سرّية لشيكاغو اجتمع خلالها إلى ليستير كراون، وهو صاحب الملايين الذي تملك عائلته جزءاً كبيراً من شركة "جنرال ديناميكس" للتعهدات العسكرية. كراون [...] "أشارك الإسرائيليين شعورهم أننا نملك بكل تأكيد القدرة العسكرية وأنه يتعيّن علينا التمتع بالإرادة السياسية لاستخدامها. صعود إيران ليس بأمر ملائم أبداً بالنسبة للولايات المتحدة".

وقال كراون: "أؤيّد الرئيس، ولكن بودّي أن يكونوا [موظفي الإدارة] أكثر إفصاحاً عمّا يختلج نفوسهم عندما يتكلّمون. سأشعر براحة أكبر لو علمت بأنهم على استعداد لاستخدام القوة العسكرية، كمورد أخير. لا يمكن تهديد أحد بجعله يصدّق خدعة. يجب أن يكون هناك استعداد لفعل ذلك".

حتى أن العديد من الموظفين سألوني إن كنت أعتبر أوباما معادياً للسامية. أجبتهم على هذا السؤال مستخدماً عبارة لأبنير ميكفا، وهو عضو الكونغرس السابق وقاض فدرالي ومستشار لأوباما، الذي أكد عام 2008: "أظن أنه حين ينتهي كل شيء، سيقول الناس أن باراك كان أول رئيس يهودي". قلت لهم أن أوباما على اطلاع واسع على أعمال كتاب وأكاديميين قانونيين ومفكّرين يهود وأن جزءاً كبيراً من أصدقائه وأنصاره ومستشاريه هم من اليهود. ولكن الفلسفة السامية ليس بالضرورة أن تكون على اتفاق مع حزب الليكود الذي يقوده نتنياهو؛ وبالمناسبة، ليس الشيء نفسه أيضاً بين اليهود الذين يعيشون في الولايات المتحدة والذين –على غرار الرئيس الذي صوتوا له بأعداد ساحقة- يدعمون بشكل عام حل وجود دولتين ولديهم تحفّظات بشأن المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية.

راهم إيمانويل أشار إلى أن الإدارة كانت تحاول عَبر إبرة: بتقديم دعم "لا يصدّع" لإسرائيل؛ وحمايتها من نتائج قنبلة نووية إيرانية؛ ولكن بالضغط عليها لإيجاد صيغة توفيقية مع الفلسطينيين. وأكد أن "[...] رؤساء الوزراء الإسرائيليون الستة الأخيرين (بمن فيهم نتنياهو، الذي –وخلال ولايته الأولى في نهاية عقد التسعينات، وفيما بعث الاستياء عند والده- بحث عن صيغة توفيقية مع الفلسطينيين، للدفاع عن قضيته): رابين، بيريز ، نتنياهو، باراك، شارون، أولمرت –بحث كل واحد منهم عن صيغة ما للحل السلمي تلائم إسرائيل من وجهة النظر الإستراتيجية". كانت هناك تهديدات أخرى كثيرة بينما كانت حكومات إسرائيل المتعاقبة تحاول السير في عملية سلام.

... يجب عل إسرائيل أن تحلّل بانتباه إذا ما كان توجيه ضربة عسكرية أمراً مجدياً، بالنظر إلى المشكلة التي ستترتب عن ذلك. وأضاف: "لست متأكداً ممّا هم فيه في هذه اللحظة،، وأي كانت اللحظة، وبغض النظر عمّا هم فاعلين، لن يوقفوا" البرنامج النووي. "إنما هم سيؤجّلونه فقط".

كان آنذاك أن تنبّهتُ إلى أنه في بعض المسائل لم يكن الإسرائيليون والأمريكيون يتحدثون بنفس اللغة.

في محادثاتي مع جنرالات سابقين من سلاح الجو ومع مخطّطين إسرائيليين، سادت لهجة معتدلة. كثيرون من الأشخاص الذي قابلتهم كانوا على استعداد لأن يقولوا، بصورة سرّية، لماذا يصعب على إسرائيل مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية. بعض الجنرالات الإسرائيليين، وعلى غرار زملائهم الأمريكيين، كانوا يشككون بفكرة الهجوم نفسها. "نستغل وقتنا بشكل أفضل لو خصصناه للضغط على أوباما ليقوم هو بفعل ذلك، بدلاً من محاولة القيام به نحن"، هذا ما أكده أحد الجنرالات. "نحن جيّدون جداً في هذا النوع من العمليات، ولكنها خطوة كبيرة جداً بالنسبة لنا. لكن الأمريكيين يستطيعون فعل ذلك بحدّ أدنى من الصعوبات. إنه كثير جداً بالنسبة لنا".

سيتعيّن على هذه الطائرات أن تعود إلى بلدها بسرعة، وأحد أسباب ذلك أن الاستخبارات الإسرائيلية ترى بأن إيران ستوعز إلى حزب الله فوراً بإطلاق صواريخ على مدن إسرائيلية، وسيحتاج الأمر لموارد سلاح الجو الإسرائيلي من أجل ملاحقة مجموعات الصواريخ التابعة لحزب الله.

... في حال شن هجوم إسرائيلي من جانب واحد على إيران، فإن مهمتها ستكون محاربة القوات الصاروخية التابعة لحزب الله [...] الإبقاء على حزب الله كاحتياط إلى حين تمكّن إيران من اجتياز العتبة النووية.

... حزب الله "فقد الكثير من رجاله. [...] وهذا هو أحد الأسباب التي جعلتنا ننعم بأربع سنوات من الهدوء. ما تغيّر خلال السنوات الأربع الأخيرة هو أن حزب الله قد طوّر قدرته الصاروخيّة، ولكن نحن أيضاً طوّرنا قدرتنا". في ما يتعلّق بهجوم إسرائيلي محتمل على إيران، انتهى إيزينتوك إلى القول: "تأهبنا القتالي يعني أن لدى إسرائيل حرية التحرك".

ستبدو الولايات المتحدة أيضاً في موقع المتواطئ مع أي هجوم إسرائيلي، حتى لو لم يتم إخطارها به مسبقاً. الفرضية –التي لا تصيب دائماً- القائلة بأن إسرائيل لا تتحرك إلا بموافقة الولايات المتحدة هي وجهة نظر معهودة في الشرق الأوسط يقول الإسرائيليون بأنهم يأخذونها بعين الاعتبار الآن. تحدّثتُ إلى العديد من المسؤولين الإسرائيليين الذين يعكفون على تداول السؤال التالي، بين أسئلة أخرى: ماذا سيحدث إن علمت خدمات التجسس الأمريكية بالنوايا الإسرائيلية قبل ساعات قليلة من الشروع بهجوم مخطَّط له مسبقاً؟ "إنه كابوس بالنسبة لنا"، هذا ما قاله لي أحد هؤلاء المسؤولين. ماذا سيحدث لو اتصل الرئيس أوباما ببيبي وقال له: "نعرف ما أنتم فاعلين، ضعوا حدّاً لذلك على الفور". هل سنضع له حداً؟ ربما يكون علينا أن نضع حداً له. لقد تم اتخاذ قرار بعدم الكذب على الأمريكيين حول مخططاتنا. لا نريد إبلاغهم مسبقاً. وهذا لما فيه الخير لهم ولنا. إذن، ماذا نفعل؟ هذه هي الأسئلة الصعبة.

"يظن إسرائيليون كثيرون أن الإيرانيين يقومون ببناء "أوشويتز". علينا أن نعرّفهم بأننا قمنا بتدمير هذا الأوشويتز أو علينا أن نعرّفهم بأننا حاولنا ذلك، ولكننا أخفقنا".

طبعاً، هناك مسؤولون إسرائيليون يظنّون أن شن هجوم على إيران هو أمر شديد المخاطرة. [...] أحد الجنرالات قال: "لا نريد أن يضعنا السياسيون في موقع ضعيف بسبب كلمة ’Shoah‘".

بعدما شاهدت في أكثر من عشر مرّات مختلفة في أكثر من عشرة مكاتب مختلفة صورة طائرات سلاح الجو الإسرائيلي وهي تحلّق فوق أوشويتز، كان أن تمكنت من فهم التناقض الذي ينطوي عليه ذلك. لو كان علماء الفيزياء الإسرائيليون الذي صنعوا الترسانة النووية الإسرائيلية قد تمكّنوا من القيام برحلة عبر الزمان والمكان وأرسلوا سرباً من القاذفات في عام 1942...

لأسباب تتعلق بالأمن القومي، يعتبر بنيامين نتنياهو أنه إذا ما فشلت العقوبات، سيجد نفسه مرغماً على اتخاذ إجراءات. غير أن أي هجوم إسرائيلي على المنشآت النووية الإيرانية –أكان ناجحاً أم لا- يمكنه أن يحمل إيران على مضاعفة جهودها –وهذه المرة مدعومة بتضامن دولي- لتطوير ترسانة نووية. يمكن لذلك أن يخلق حالة من الإرباك للولايات المتحدة في الشرق الأوسط. [...] بيريز يرى في البرنامج النووي الإيراني أمراً كارثياً بمضمونه. [...] حين سألته إن كان هو يؤمن بالخيار العسكري، قال لي: "لماذا يتعيّن علي أن أفصح عن شيء كهذا؟".

على أساس أشهرٍ من المقابلات، وصل بي الأمر للاعتقاد بأن الإدارة تعلم بأنه من شبه المؤكد أن إسرائيل ستشرع بتحركات ضد إيران إن لم يوقف شيء أو أحد برنامجها النووي [...]. في بدايات هذه السنة كنت أوافق كثيرين من الإسرائيليين والعرب –والإيرانيين- الذين يظنون بأن لا إمكانية أمام أوباما للجوء إلى استخدام القوة من أجل وقف إيران: ما زلت أفكر بأنه لا توجد إمكانيات كبيرة للجوئه إلى التحرك العسكري في المستقبل القريب؛ وذلك لسبب واحد: البنتاغون بالتحديد أبدى القليل من الحماس تجاه هذه الفكرة. ومع ذلك، من الواضح أن أوباما عالق وسط هذه المشكلة. [...] دينيس ماك دونوغ، رئيس هيئة أركان مجلس الأمن القومي، قال لي: "ما تشاهده في إيران هو التقاء جملة من الأولويات الهامة عند الرئيس، الذي يلاحظ تهديداً كبيراً لنظام عدم نشر الأسلحة النووية على المستوى العالمي، وهو تهديد يمكنه أن يؤدي إلى نشاطات نووية أخرى في منطقة بالغة التقلّب، وتهديداً لصديق قريب من الولايات المتحدة، وهو إسرائيل. أظن أنه يمكن رؤية عدة تيارات آخذة بالاتحاد، مما يجيب على التساؤل حول أهمية كل ذلك بالنسبة لنا".

حين سألت بيريز عن رأيه في الجهد الذي يبذله نتنياهو لعرض هذه القضية على إدارة أوباما، أجابني بيريز [...] أن بلده يعرف مكانته، وأن ذلك يعتمد على الرئيس الأمريكي، وأن رئيس الولايات المتحدة فقط هو من يستطيع أن يقرر في النهاية الطريقة الأفضل لحماية مستقبل الغرب. كل هذه القصة لها علاقة أوثق بمستشاره: دافيد بن غوريون.

روى لي بيريز أنه "بعيد انتخاب جون ف. كندي رئيساً، اجتمع بن غوريون إليه في فندق ’والدورف-أستوريا‘، في نيويورك. وبعد الاجتماع رافق كندي بن غوريون حتى باب المصعد، وقال له ’سيدي رئيس الوزراء، أريد أن أخبرك بأنني انتُخبت رئيساً بفضل أناسكم، ولهذا، ماذا يمكنني أن أفعل لحضرتكم بالمقابل؟’ استاء بن غوريون من السؤال وقال له: ’ما تستطيع أن تفعله هو أن تكون رئيساً عظيماً للولايات المتحدة. حضرتكم تعرفون أن وجود رئيس عظيم للولايات المتحدة هو حدث عظيم‘".

واصل بيريز شرحه لما يرى فيه مصلحة حقيقية لإسرائيل. قال لي: "لا نريد أن نفوز على الرئيس؛ نريد للرئيس أن يفوز".

جيفري غولدبيرغ

جيفري مارك غولدبيرغ هو صحافي أمريكي إسرائيلي. أحد كتّاب وصحافيّي هيئة تحرير مجلة "The Atlantic". عمل سابقاً في مجلة "The New Yorker". يكتب غولدبيرغ بشكل أساسي حول مواضيع دوليّة، بأفضلية للوضع في الشرق الأوسط وأفريقيا. يصنّفه البعض بأنه الصحافي-المدوّن الأوسع نفوذاً في الشؤون المتعلقة بإسرائيل.

فيدل كاسترو روز

25 آب/أغسطس 2010

الساعة: 6:18 مساءً