تأملات الرفيق فيدل

وقائع معسولة تبتعد.

فاجأني الاستماع إلى خطاب حوسي ميغل انسولثا في كارتاجينا. كنت أفكر أنه من يتحدث باسم منظمة الدول الأمريكية سيهتم على الأقل بالمطالبة بالاحترام بسيادة البلدان  بهذا النصف من الكرة الأرضية، تلك البلدان التي على امتداد القرون كانت مستعمرة و تم استغلالها بقساوة من قبل الدول العظمى الاستعمارية.  

لماذا لم يقل  كلمة حول جزر الملوين و لم يطالب بالاحترام بالحقوق ذات السيادة للأمة الشقيقة الأرجنتين؟

إن قمة الأرجنتين لديها مشاهد ليس من السهل نسيانها. صحيح أنها تطلبت بذل مجهودات كبيرة. رغم الساعات التي مرت ليست لدينا فكرة عما جرى بالغذاء الذي بواسطته  حاول سانتوس أن يعوض عن الاستنزاف الهائل بالطاقة التي استثمرها المشاركون بهذا الملتقى.

لمن يتسلى بالأمر، نادرا ما ستتوفر الفرصة بحياته لرؤية وجوه أكثر من 30 زعيم سياسي يواجهون آلات التصوير التلفزيونية، منذ نزولهم من السيارة إلى أن اجتازوا ببذل جهد نهائي و باسل الممر الطويل الذي عليه سجاد و بعد ذلك كانوا يطلعون  عشرة أو إثني عشر درج صغير للوصول إلى  المكان الذي ينتظرهم فيه المستضيف سعيد و مبتسم. و لم ينفع  الشباب، العمر، الأرجل المسطحة، أو الركب التي تعرضت لعمليات جراحية، أو الصعوبات في ساق أو في الساقين. كانوا مجبورين على مواصلة المشي حتى الوصول إلى القمة. كان ينبغي على الأغنياء أو الفقراء أداء المراسم.

يلفت النظر أن أباما هو الوحيد الذي استفاد من هذا المسار  للتدريب الرياضي.كان يذهب لوحده مما أصبح الأمر اسهل له: اتخذ موقف رياضي و طلع و هو يخبب.

أما النساء، كمرافقات أو رئيسات  هن اللواتي قمن بذلك بشكل أفضل. مرة أخرى تبرهنت أن  الأمور بالعالم  كانت تستطيع أن تسير بشكل أفضل لو كانت تتولى النساء الشؤون السياسية. ربما لو كان الأمر كذلك  لقلت عدد الحروب و لكن، لا أحد يمكنه أن يكون متأكدا من ذلك.

أي واحد كان يستطيع أن يقول أنه، لأسباب سياسية واضحة، الشخصية التي ستترك عندي  أسوأ انطباع هو أباما. و مع ذلك، لم يكن  هكذا. رأيته يتأمل و أحيانا  غائبا إلى حد كبير. كأنه ينام بالعيون المفتوحة. لم يعرف كم استراح قبل وصوله إلى كارتاجينا، مع أي ضباط تحدث، ما هي المشاكل التي كانت تشغل عقله. إذا كان هو الآخر يفكر بسورية، أفغانستان، العراق، كوريا الشمالية أو إيران. بالتأكيد، بطبيعة الحال بالانتخابات، بلعبة تي بارتي أو المخططات الوخيمة لميت رومني. في الساعة الأخيرة، قليلا قبل القمة، قرر أن مساهمات  الأغنياء، الذين ثروتهم أكبر، يجب أن تبلغ على الأقل 30% من دخلهم، كما كان يحدث قبل فترة حكم بوش الابن. بطبيعة الحال، هذا يسمح له أن يقدم نفسه أمام اليمين الجمهوري بصورة أوضح عن حساسه للعدالة.

ولكن هناك مشكلة أخرى: الدين الكبير المتراكم من قبل الحكومة الفيديرالية و الذي يصل إلى 15 مليون مليون دولار مما يتطلب موارد مجموعها ليس أقل من 5 مليون مليون دولار. إن الضريبة المفروضة على أكبر الأغنياء  ستقدم حوالي 50 مليار دولار بعشرة سنوات، بينما هناك حاجة إلى مبلغ من المال يصل إلى 5 مليون مليون. و لذلك سوف يأتيه دولار لكل 100 دولار يحتاج إليه. و هذا إحصاء يمكن أن يصل إليه طالب يدرس بالصف الثامن.

لنتذكر بشكل جيد ما كان تطالب به د يلما روسيف: "علاقات على قدم المساواة، مع البرازيل و باقية أمريكا اللاتينية"

"منطقة اليورو ردت للأزمة الاقتصادية من خلال توسع مالي، مما أدى إلى تسونامي، تقدر و تثمن العملة البرازيلية و تؤثر على القدرة  التنافسية للصناعة الوطنية "، صرحت.

إن ديلما روسيف مرأة قادرة و ذكية و تدرك هذه الوقائع و تعرف كيف تطرحها بقوة و بكرامة.

إن أباما، متعود على قول الكلمة الأخيرة، يعرف أن اقتصاد البرازيل يظهر بقوة مثيرة للإعجاب، و بالشراكة مع اقتصاديات أخرى مثل اقتصاد فنزويلا، الأرجنتين، الصين، روسيا، جنوب إفريقيا ، و أخرى بأمريكا اللاتينية و العالم، سيرسم مستقبل التنمية العالمية.

أما مشكلة المشاكل هي مهمة الحفاظ على السلام، أمام المخاطر المتزايدة بشن حرب، التي مع القوة التدميرية للأسلحة الحديثة تضع الإنسانية على حافة الهوة.

أرى أن اجتماعات كارتاجينا تتطاول و الوقائع المعسولة تبتعد . لم يجري الحديث حول الغوايابيراس التي قدمت هدية لأباما. أحد ما سيتولى تعويض مصمم كارتاجينا إيدغار غوميز.

 

فيدل كاسترو روز

14 نيسان/ أبريل 2012     

الساعة 9:58 ليلا